كما تدين تدان :
« البِر لا يَبلى ، والذنب لا يُنسى ، والدَّيَّان لا يموت ، فكُن كما شئت ، فكما تَدين تُدان ».
– الحكم على الخبر :
هذا الخبر لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذا الخبر أخرجه عبد الرزاق وأبو نعيم وغيرهما مرفوعًا ، وأخرجه أحمد موقوفًا على أبي الدرداء رضي الله عنه .
قال الألباني في ( الضعيفة / 4124 ) بعدمَا حكم بضعفِ الرّواية المرفوعة : { وصله أحمد في [ الزهد ] من هذا الوجه بإثبات أبي الدرداء ، وجعله مِنْ قولهِ ؛ وَهو منقطع مع وقفه }.
وخلاصة الحكم على هذا الخبر -على صحة معناه- أنّه لا يثبت مرفوعًا ولا موقوفًا .
وهو مرسل كما قال البيهقي وابن حجر والزيلعي ، ورواه أحمد موقوفًا على أبي الدرداء وفي سنده انقطاع كما قال السخاوي في المقاصد ، ورواه ابن عدي مرفوعًا عن ابن عمر ولكن في سنده محمد بن عبد الملك وهو متفق على توهينه ، كما قال الألباني في الضعيفة .
يقول أهل العلم : الحديث ضعيف ولكن معناه صحيح ؛ فلا حرج في تذكير الناس بمحتواه عن طريق التوقيع به أو إرساله في رسالة .
– معنى الديان :
وفي معناه يقول صاحب القاموس المحيط ( الديان : القهار ، والقاضي ، والحاكم ، والسائس ، والحاسب ، والمجازي الذي لا يضيع عملًا ، بل يجزي بالخير والشر ).
وقال الزمخشري في [ أساس البلاغة – 1/ 144 ] :
{ والله الديان ، وقيل : هو القهار ، من دان القوم إذا ساسهم وقهرهم فدانوا له .
ودانوه : انقادوا له .
وقد دين الملك ، وملك مدين .. ( والكيس من دان نفسه ) وهم دائنون لفلان … }.
والدّيْن : الجزاء ويكون في الخيرِ والشرّ : قال الإمام البخاري في [ صحيحه ] ( باب ما جاء في فاتحة الكتاب ) :
{ وَالدِّينُ الجَزَاءُ فِي الخيْرِ وَالشَّرِّ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ }.
– عبارة ( كما تَدين تُدان ) عند العرب :
وجاءتْ عبارة ( كما تدين تُدان ) على أنها مَثَل من أمثال العرب :
يقول ابن قتيبه في [ أدب الكاتب ] (ص : 46) :
{ يقولون ( كما تَدِينُ تُدَان ) أي : كما تَفْعَلُ يُفْعَل بك وكما تُجَازِي تُجَازَى }.
وفي [ العقد الفريد ] :
{ وتقول العرب في أمثالها : ملكت فأسجح ، وارحم تُرحَم ، وكما تدين تُدان ، ومن يُرِ يومًا يَرَ بِهِ }.
وفي [ الكامل ] (1/ 259) لأبي العباس المبرد :
{ ومن أمثال العرب : كما تدين تدان }.
وقد أورده الزمخشري في كتابه [ المستقصى في أمثال العرب ] (2 /231).
– وفي الشعر :
فاعلمْ يقينًا أنّ مُلككَ زائل … واعلم بأنَّ كما تَدِين تُدانُ
– دار الإفتاء المصرية :
تقول دار الإفتاء المصرية في سياق ردها على أحد الأسئلة :
معنى ( كما تدين تدان ) أي : كما تفعل تجازى بفعلك ، وكما تفعل يُفعل معك ، وقد قيل قديمًا في هذا المعنى : كل يحصد ما يزرع ، ويجزى بما يصنع .
وقالوا أيضا : زرع يومك حصاد غدك ، وقالوا : الجزاء من جنس العمل ، وجاء في [ مختار الصحاح ] :
( الدين ) أيضًا الجزاء والمكافأة ، يقال : ( دانه) يدينه ( دَيْنًا ) أي جازاه .
يقال : كما ( تدين تدان ) أي كما تجازي تجازى بفعلك وبحسب ما عملت ، وقوله تعالى : ” أَءِنَّا لَمَدِينُونَ ” ؛ أي لمجزيون محاسبون .
فالكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، ولا يعاقب الإنسان بذنب الآخرين .