قصيدة ابتسم لإيليا أبو ماضي

قصيدة ابتسم :

قال : السماء كئيبة ! وتجهّما … قلت : ابتسم ! يكفي التجهم في السما !

قال : الصبا ولّى ! فقلت له : ابتــسم ! … لن يرجع الأسف الصبا المتصرما

قال : التي كانت سمائي في الهوى … صارت لنفسي في الغرام جــهنما

خانت عهودي بعدما ملّكـتها … قلبي ، فكيف أطيق أن أتبســما !

قلت : ابتسم و اطرب فلو قارنتها … لقضيت عمرك كله متألما

قال : الــتجارة في صراع هائل … مثل المسافر كاد يقتله الـــظما

أو غادة مسلولة محــتاجة … لدم و تنفث كلما لهثت دما

قلت : ابتسم ! ما أنت جالب دائها … وشفائها ؛ فإذا ابتسمت فربما

أيكون غيرك مجرما ، و تبيت في … وجل ، كأنك أنت صرت المجرما ؟

قال : العدى حولي علت صيحاتهم … أأُسرّ ، و الأعداء حولي في الحمى ؟

قلت : ابتسم ! لم يطلبوك بذمهم … لو لم تكن منهم أجلّ و أعظما

قال : المواسم قد بدت أعلامها … وتعرضت لي في الملابس و الدمى

وعليّ للأحباب فرض لازم … لكن كفّي ليس تملك درهما

قلت : ابتسم ! يكفيك أنك لم تزل … حيا ، و لست من الأحبة معدما

قال : الليالي جرّعتني علقما … قلت : ابتسم ! و لئن جرعت العلقما

فلعل غيرك إن رآك مرنما … طرح الكآبة جانبا و ترنما

أتُراك تغنم بالتبرم درهما … أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما ؟

يا صاح ، لا خطر على شفتيك أن … تتثلّما ، و الوجه أن يتحطما

فاضحك ! فإن الشهب تضحك و الدجى … متلاطم ، و لذا نحب الأنجما !

قال : البشاشة ليس تسعد كائنا … يأتي إلى الدنيا و يذهب مرغما

قلت : ابتسم ! مادام بينك و الردى … شبر ، فإنك بعد لن تتبسما


وُلد في قرية المحيدثية عام 1889م – وتُوفي يوم 23 نوفمبر 1957م ، وهو شاعر عربي لبناني ، يُعد من أهم شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين ، وأحد مؤسسي الرابطة القلمية .. اشتهر إيليا بفلسفته التي تطغى عليها نزعة التفاؤل ، وحب الحياة ؛ كما ظهر ذلك جليًا من خلال قصيدتنا التي عرضناها لحضراتكم وكذلك الحنين إلى الوطن .

نشأ شاعرنا الكبير في عائلة فقيرة ؛ لذلك لم يستطع إكمال تعليمه في قريته ، وترك مدرسته في سن الحادية عشرة ؛ وعندما اشتد به الفقر في لبنان ، رحل إيليا إلى مصر عام 1902 بهدف التجارة مع عمه الذي كان يمتهن تجارة التبغ نهارًا ، وكان يطالع الكتب ويتعلم النحو والصرف ليلًا ، ويقول في هذا الصدد : ” وفي الإسكندرية تعاطيت بيع السجائر في النهار في متجر عمي ، وفي الليل كنت أدرس النحو والصرف ، تارةً على نفسي ، وتارة في بعض الكتاتيب “.

التقى أنطون الجميل ، الذي كان قد أنشأ مع أمين تقي الدين مجلة ” الزهور ” فاُُعجب بذكائه وعصاميته إعجابًا شديدًا ، ودعاه إلى الكتابة بالمجلة ، فنشر أولى قصائده بالمجلة ، وتوالى نشر أعماله ، إلى أن جمع بواكير شعره في ديوان أطلق عليه اسم ” تذكار الماضي “.

وقد صدر في عام 1911م عن المطبعة المصرية ، وكان أبو ماضي إذ ذاك يبلغ من العمر اثنين وعشرين عامًا .

ونتيجة لكتاباته السياسية اضطر إلى الهجرة إلى أمريكا ، فهاجر برفقة مجموعة من الأدباء الآخرين من أبناء جيله إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وتمت تسميتهم بأدباء المهجر .

في بداياته اعتمد أسلوب القصيدة العمودية والموضوعات التي شملتها أغلب قصائد سابقيه ، إلّا أنه غير من نمطه بشكلٍ كبير بعد هجرته إلى الولايات المتحدة .

انتقل إلى نيويورك في 1916م ، ورأس تحرير ” المجلة العربية ” ثم تركها ليسهم في تحرير مجلة ” الفتاة ” التي كان يصدرها شكري البخاش ، ومنذ 1918م تحول بعد ذلك ليعمل في تحرير مجلة ” مرآة الغرب ” نجيب دياب وحتى 1928م .

ندعوكم لقراءة : قصيدة قم للمعلم لأحمد شوقي

– الرابطة القلمية :

شارك إيليا أبو ماضي عام 1920م في تأسيس الرابطة القلمية ، وهي عبارة عن جمعية أدبية قام مجموعة من الأدباء أمثال جبران خليل جبران ، وميخائيل نعيمة ، ونسيب عريضة ، وإيليا أبو ماضي بإنشائها، وضمت مجموعة أخرى من أدباء المهجر اللبنانيين والسوريين .

وقام أعضاء الرابطة بإصدار مجموعةٍ من المجلات وهي ” مجلة الفنون ” لنسيب عريضة ، و” مجلة السائح ” لعبد المسيح حداد ، بالإضافة إلى ” مجلة السمير ” في بروكلين التي تولاها إيليا أبو ماضي والتي بدأت كمجلةٍ أسبوعية لتُطرح بعدها بشكلٍ يومي .

– أهم الأعمال :

تفرغ إيليا أبو ماضي للأدب والصحافة ، وقد تميز شعره بطبعة التفاؤل ، فكان يسمو بكل شيء نحو الجمال ، واشتهرت من دواوينه : ” الخمائل ” ، و” تبر وتراب ” ، و” الجداول ” بالإضافة إلى ” ديوان إيليا أبو ماضي “.. كما لا تخلو مجموعاته من بعض الكتب النثرية ، وقد أصدر عدة دواوين رسمت اتجاهه الفلسفي والفكري ، أهمها :

” تذكار الماضي ” ( الإسكندرية 1911م )

” إيليا أبو ماضي ” ( نيويورك 1918م )

” الجداول ” ( نيويورك 1927م )

” الخمائل ” ( نيويورك 1940م )

” تبر وتراب ” ( 1960م )

– قصائد :

أما قصائده فقد تميز العديد منها ولاقت نجاحًا مبهرًا نذكر منها : ” فلسفة الحياة ” التي يقول فيها : ” أيهذا الشاكي وما بك داء … كن جميلًا ترى الوجود جميلًا “.

قصيدة المساء
قصيدة فلسفة الحياة
الغابة المفقودة
قصيدة ابتسم

Exit mobile version