اللغة العربية تنعي نفسها

– قصيدة اللغة العربية تنعي نفسها لحافظ إبراهيم :

رَجَعتُ لِنَفسي فَاتَّهَمتُ حَصاتي  …  وَنادَيتُ قَومي فَاحتَسَبتُ حَياتي

رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني  …  عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي

وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي  …  رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدْتُ بَناتي

وَسِعْتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً  …  وَما ضِقْتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ

فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ  …  وَتَنسيقِ أَسْماءٍ لِمُختَرَعاتِ

أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ  …  فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي

فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني  …  وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي

فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني  …  أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحِينَ وَفاتي

أَرى لِرِجالِ الغَرْبِ عِزّاً وَمَنعَةً  …  وَكَم عَزَّ أَقوامٌ بِعِزِّ لُغاتِ

أَتَوا أَهلَهُم بِالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً  …  فَيا لَيتَكُم تَأتونَ بِالكَلِماتِ

أَيُطرِبُكُم مِن جانِبِ الغَرْبِ ناعِبٌ  …  يُنادي بِوَأْدِي في رَبيعِ حَياتي

وَلَو تَزجُرونَ الطَيرَ يَوماً عَلِمتُمُ  …  بِما تَحتَهُ مِن عَثْرَةٍ وَشَتاتِ

سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ أَعظُماً  …  يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ قَناتي

حَفِظنَ وِدادي في البِلى وَحَفِظتُهُ  …  لَهُنَّ بِقَلبٍ دائِمِ الحَسَراتِ

وَفاخَرتُ أَهلَ الغَرْبِ وَالشَرْقُ مُطرِقٌ  …  حَياءً بِتِلكَ الأَعظُمِ النَخِراتِ

أَرى كُلَّ يَومٍ بِالجَرائِدِ مَزلَقاً  …  مِنَ القَبرِ يُدنيني بِغَيرِ أَناةِ

وَأَسْمَعُ لِلكُتّابِ في مِصْرَ ضَجَّةً  …  فَأَعلَمُ أَنَّ الصائِحينَ نُعاتي

أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ  …  إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ

سَرَت لوثَةُ الإِفرِنجِ فيها كَما سَرى  …  لُعَابُ الأَفاعي في مَسيلِ فُراتِ

فَجاءَت كَثَوبٍ ضَمَّ سَبعينَ رُقـ  …  عَةً مُشَكَّلَةَ الأَلوانِ مُختَلِفاتِ

إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ  …  بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي

فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيْتَ في البِلَى  …  وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي

وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ  …  مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ


– وهذا موجه لغة عربية ينعي اللغة العربية بعدما صدم بكم الكلمات الدخيلة على اللغة الجميلة وتردي مستوى الطلاب :

– قصيدة كبر دماغك :

يا صاحب النحو ذي كتبي سأرميها  …  فما احتياجي لما ضمت حواشيــها ؟

هات البلاغة بعد النحــو نحرقها  …  واقذف إلى النار أدبـًا كي يذكيــها

يا سيبويه تعالَ واشتر فخـــذًا  …  من الخروف وضعهـا كي نسويــها

وكل هنيئًا مريئًا واحتسب أجـرًا  …  عند الإله للغة كنت تعنيـــــها

أيا خليل رويدك لا تــزد همـي  …  إن كنت حقا ” خليلًا ” لا تطغيـها

بل خذ شروح عقيل والمعاجم خذ  …  كل الذي قيل في كتب لترميــــها

وأيا ابن مالك لا تأس على زمـن  …  جمعت فيه اللآلئ من يدانيــــها ؟

ما قلت أو قال غيرك لا يجد أذنـًا  …  ولا لســـانك لينطق بعض ما فيها

*****************

لا تحسبني يئــوسًا إنني رجــل  …  علمت أجيـــالًا فنهلت من مآقيها

ماذا أقول لجيــل بــات منصرفًا  …  عنهـا وراح يدمر كل محييـــها ؟

” نفّض ” و ” كبّر ” و ” احلق ” كيف أفهم ما  …  يعنون قل لي بربك كي أجاريـــها

أي القواميس بل أي المعـاجم بل  …  إن الجهــابذ لا تفهم معانيــــها

جاءوا ب” مستر ” والأستاذ ليس لها  …  عند الأكـابر معنى كي يحاكيـــها

الحافلات غدت ” باصـات ” عندهم  …  و” الدسك ” ما ” الدسك ” يصرع مقعدًا فيها

ماذا أقول للغة الضـاد هل نضبت ؟  …  أين العمــائم ؟ أين العرب تحميها ؟

*****************

أما إذا جئت يومـًا ملقيـًا درسـًا  …  ” دلع وطبطب ” وقل ما كنت تخفيـها

فإن تقعـرت نطقـًا أو أتيت بمـا  …  لا يشتهون فثق أن لن تثنيـــــها

يا صاح ” كبر دماغك ” ولتطب نفسًا  …  لا الرفع يقتلها ولا بالنصب تحييــها

الله أنـزل قرآنـًا سيحفظــه  …  ولسوف يبقى للغة الضاد حاميــها

*****************

( مصطفى علي فراج – موجه لغة عربية ).

ندعوكم لقراءة : القصيدة العمرية لحافظ إبراهيم

Exit mobile version