الفضل من الله :
الحمد لله .. الحمد لله المتفرد بالثناء إجلالًا وإعظاما ، سبحانه وبحمده خص عباده بغامر الآلاء تفضلًا وإكراما .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تحيل الونى اعتزاما .
قال الله ﷻ :
” ذٰلِكَ ٱلْفَضْلُ مِنَ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمًا “. (النساء : 70)
فضل الله تعالى على الإنسان كبير ، ونعمه لا يحصيها أحد ، ولا يكفر نعمة الملك إلا جاحد .
وليعلم كل إنسان مهما كان ، أن الفضل بيد الله وحده لا شريك له ، لا كما قال قارون : إنما أوتيته على علم عندي ؛ فخسف الله به وبداره الأرض .
واعلم يا مسكين أن كل نعمة -صغرت أم كبرت- ، يتمناها آلافٌ مؤلفة من البشر ليست موجودة عندهم ؛ وعلى سبيل المثال ، وليس على وجه الإجمال :
- نعمة البصر ، يتمناها كل مكفوف .
- نعمة السمع ، يتمناها كل أصم .
- نعمة الكلام ، يتمناها كل أبكم .
- نعمة المشي ، يتمناها كل مُقعَد .
وغيرها وغيرها كثير ، ” وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها “.
حتى الأمور التقليدية العادية يتمناها بعض الناس ، وهي عندك وليست عندهم :
- عملك الشاق : هو حلم كل عاطل .
- ابنك المزعج : هو حلم كل عقيم .
- بيتك الصغير : هو حلم كل مشرد .
- مالك القليل : هو حلم كل مدين .
- عافيتك : هي حلم كل مريض .
- عائلتك : هي حلم كل أسرة متفرقة .
- ابتسامتك : هي حلم كل مهموم .
- ستر الله عليك : هوحلم كل مفضوح .
- حتى استقامتك : هي حلم الكثير من أصحاب الذنوب .
” وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِیࣱّ كَرِیمࣱ “. (النمل : 40)
يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .
ندعوكم لقراءة : لا يأتي إلا بخير
هيا بنا نكرر الآية الكريمة : ” ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا ”. (النساء : 70)
- يقول الإمام الطبري رحمه الله تعالى :
وأما قوله : ” ذلك الفضل من الله ” ، فإنه يقول : كون من أطاع الله والرسول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ” الفضل من الله ” ، يقول : ذلك عطاء الله إياهم وفضله عليهم ، لا باستيجابهم ذلك لسابقة سبقت له .
فإن قال قائل : أوليس بالطاعة وصلوا إلى ما وصلوا إليه من فضله ؟
قيل له : إنهم لم يطيعوه في الدنيا إلا بفضله الذي تفضل به عليهم ، فهداهم به لطاعته ، فكل ذلك فضل منه تعالى ذكره .
وقوله : ” وكفى بالله عليما ” ، يقول : وحسب العباد بالله الذي خلقهم ” عليما ” بطاعة المطيع منهم ومعصية العاصي ، فإنه لا يخفى عليه شيء من ذلك ، ولكنه يحصيه عليهم ويحفظه ، حتى يجازي جميعهم ، جزاء المحسنين منهم بالإحسان ، والمسيئين منهم بالإساءة ، ويعفو عمن شاء من أهل التوحيد .
- ويقول الإمام ابن كثير في التفسير :
ولهذا قال تعالى : ( ذلك الفضل من الله ) ؛ أي : من عند الله برحمته ، هو الذي أهلَّهم لذلك ، لا بأعمالهم .
( وكفى بالله عليما ) ؛ أي : هو عليم بمن يستحق الهداية والتوفيق .
- ويقول الإمام السعدي رحمه الله :
{ ذَلِكَ الْفَضْلُ } الذي نالوه { مِنَ اللَّهِ } فهو الذي وفقهم لذلك ، وأعانهم عليه ، وأعطاهم من الثواب ما لا تبلغه أعمالهم .
{ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا } يعلم أحوال عباده ومن يستحق منهم الثواب الجزيل ، بما قام به من الأعمال الصالحة التي تواطأ عليها القلب والجوارح .