أذكار وثمار 2

أذكار وثمار :

قال الله جل في علاه :

” فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ “. (البقرة : 152)

وقال عز من قائل :

” وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ “. (العنكبوت : 45)

وقال سبحانه :

” وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “. (الجمعة : 10)

ما أكرم وعود الملك عز وجل ، وما أحلاها ، وما أروعها .

حقًّا .. حقًّا .. ربنا ، إن للأذكار ثمارًا وعدتنا بها ، وأنت المتفضل علينا ، فلك الحمد ولك الشكر .

اللهم اجعلنا ممن شكرك فزدته ، وذكرك فذكرته ، ودعاك فاستجبت له ، واستغفرك فغفرت له .

– أذكار الصباح والمساء :

” أذكار الصباح والمساء أشد من سور يأجوج ومأجوج في التحصن لمن قالها بحضور قلب “.

أذكار الصباح والمساء ، هي زادنا في الصباح وفي المساء ، وهي أنسٌ لنا إذا بَعُد الأُنس ، وهي للروح إحياء ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره ، مثل الحي والميت “. (متفق عليه)

وأذكارنا في يومنا صفحةٌ بيضاء .

لا تغفل عن ذكر الله ؛ فالغفلة باب لكل بلاء وشقاء .

وأذكار الصباح والمساء هي حصنك الحصين من الإنس والشياطين .

هي : أذكار فضيلة ، وأجور جليلة ، في دقائق قليلة .

– ذِكْرٌ وفِكْر :

كم أبطل الله به سحرًا ، وصرف به حسدًا ، وقضى به دَيْنًا ، وفتح به بابًا ، وفَرَّج به كَرْبًا ، وشفى به مريضًا ، وأحدث به معجزةً .

وإذا رددت : لا حول ولا قوة إلا بالله
بيقين تكون قد :

تبرأت من قوة أهل الأرض كلهم ، وتبرأت من حولك وإرادتك وتصرفك ، وتكون قد أعلنت ضعفك ، ووكلت الأمر لمن له الحول والقوة المطلقة في السموات والأرض .

وتكون قد فوضت الأمر لمن يقول للشيء :
{ كن فيكون }
ويقول :
{ هو عليّ هين }
ويقول :
{ وما كان ربك نسيا }.
سبحانه وتعالى .

ذِكْر : ” لا حول ولا قوة إلا بالله “

هو القوة لمن سقطت قواه ، ووهنت عزيمته ، وأعلن ضعفه ، وفقره ، وعجزه لخالقه جل في علاه .

وهو كَنْزٌ من كنوز الجنَّة ، كما ورد في السُّنَّة .

– الأذكار خير دِثَار :

” أذكار الصباح والمساء ، بمثابة الدرع ؛ كلما زادت سماكته لم يتأثر صاحبه ، بل تصل قوة الدرع أن يعود السهم فيصيب من أطلقه “.

” من حافظ على أذكار الصباح والمساء ، وأذكار بعد الصلوات المفروضة ، وأذكار النوم ؛ عُدَّ من الذاكرين الله كثيرًا “.

” البسوا معطف الأذكار ؛ ليقيكم شرور الإنس والجن ، ودثروا أرواحكم بالاستغفار ؛ لتُمحَى لكم ذنوب الليل والنهار .. وإن أصابكم ما تكرهونه ، فسترضون بأنه خيرٌ قدَّرَه لكم ربكم ؛ لأنكم قد تحصنتم بالله “.

– مورد الطاقة الإيمانية :

اليوم ، وكل يوم سنشحن نفوسنا بالذكر ؛ لأنه مورد الطاقة الإيمانية .

تعالوا لهذه الكلمات الماتعة للعلامة ابن القيم ؛ فإنها تفي بالغرض تمامًا .

” إنَّ الذكر يعطي الذاكر قوة حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه ، وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في سننه وكلامه وإقدامه وكتابه أمرًا عجيبًا ، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعة وأكثر ، وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمرًا عظيمًا .
وقد عَلَّم النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة وعليًّا رضي الله عنهما أن يُسبِّحا كل ليلة إذا أخذوا مضاجعهما ثلاثًا وثلاثين ، ويحمدا ثلاثًا وثلاثين ، ويُكبِّرا أربعًا وثلاثين .. لما سألته الخادم ، وشكت إليه ما تقاسيه من الطحن ، والسعي والخدمة فعلمها ذلك ، وقال : ” إنه خيرٌ لكما من خادم ” ، فقيل : إن من داوم على ذلك ، وجد قوة في يومه مغنية عن خادم “.

فهذه واحدة : تقو بأذكار النوم من الآن لاسيما هذا الذكر الموصى به من قبل سيد البرية صلى الله عليه وسلم .

” وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يذكر أثرًا في هذا الباب ويقول :

إنَّ الملائكة لما أُمروا بحمل العرش قالوا : يا ربنا كيف نحمل عرشك وعليه عظمتك وجلالك ؟

فقال : قولوا : لا حول ولا قوة إلا بالله .

فلما قالوا ؛ حملوه “.

وهذه الثانية : الهج كثيرًا بــ ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) حتى تتقوى على أعمال الإيمان .

“وهذه الكلمة لها تأثير عجيب في معالجة الأشغال الصعبة ، وتحمل المشاق ، والدخول على الملوك ومن يخاف ، وركوب الأهوال ، ولها أيضًا تأثير في دفع الفقر “.

قال : ” وكان حبيب بن سلمة يستحب إذا لقي عدوًّا أو ناهض حصنًا قال : لا حول ولا قوة إلا بالله .

وإنه ناهض يومًا حصنًا للروم فانهزم ، فقالها المسلمون وكبّروا ؛ فانهدم الحصن “. (الفوائد : ص106)

ندعوكم لقراءة : ١٠٠ سنة من سنن الحبيب

– أحب إليه مما طلعت عليه الشمس :

تأمل عظمة هذا الذكر اليسير :

” لأن أقول : سبحان الله ، ‏والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ؛ أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس “. (رواه مسلم)

تطلع الشمس على الدنيا بأسرها ، غنيها وفقيرها ، قويها وضعيفها .

تطلع على كل القارات ، والبحار والمحيطات ، وغير ذلك من متغيرات .

تطلع على جبال وتلال ، وبنوك وأموال ، ودور وقصور ، وناطحات سحاب ، وأبواب من خلفها أبواب ، وذهب وفضة وياقوت ، وفي النهاية كل حيٍّ سيموت ، ولن يبقى إلا الحي الذي لا يموت ، صاحب الملك والملكوت .

فاذكر ربك على الدوام ، وحافظ على الصلاة والصيام والقيام .

صلّوا عليه وأكثروا التردَادا … ما خابَ من صلّىٰ عليه وزادا

– بسم الله :

كم دفع هذا الذكر من ضر كاد أن يصيب !

الزمه ثلاثًا في الصباح والمساء ؛ فأثره عظيم .

– التسبيح :

” كلمتان خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم “. (متفق عليه)

– التسبيح يرد القدر :

” فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ “. (الصافات : 143-144)

” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين “.

– الكل يُسَبِّح :

السماوات تسبح ، والأرض تسبح ، ومن فيهن يسبحون ، والملائكة يسبحون ، والرعد يسبح ، وما من شيء إلا يسبح بحمده ولكننا لا نفقه تسبيحهم ، سبحانه .. سبحانه ، ولا يُقال لغيره : سبحان .

والتسبيح هو الذِكر الذي كانت تردده الجبال والطير مع داود عليه السلام ، قال تعالى : ” وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ “. (الأنبياء : 79)

التسبيح هو ذكر جميع المخلوقات قال تعالى : ” أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ “. (النور : 41)

– زكريا والتسبيح :

ولما خرج زكريا عليه السلام من محرابه أمر قومه بالتسبيح ، ” فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيًّا “. (مريم : 11)

– موسى وهارون والتسبيح :

ودعا موسى عليه السلام ربه بأن يجعل أخاه هارون وزيرًا له يعينه على التسبيح والذكر ، قال الله تعالى على لسانه : ” وَٱجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِيۤ أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا “. (طه : 29-34)

– التسبيح ذِكر أهل الجنة :

” دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ “. (يونس : 10)

– التسبيح ذكر الملائكة :

” وَٱلْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ “. (الشورى : 5)

حقا التسبيح شأنه عظيم وأثره بالغ ؛ لدرجة أن الله غيّر به القدر كما حدث ليونس عليه السلام .

اللهم اجعلنا ممن يسبحك كثيرًا ويذكرك كثيرًا .

سبحانك اللهم وبحمدك ، عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك .

– التسبيح والرضا النفسي :

” فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ “.

لاحظ كيف استوعب التسبيح سائر اليوم ؛ قبل الشروق وقبل الغروب وآناء الليل وأول النهار وآخره .

ماذا بقي من اليوم لم تشمله هذه الآية بالحثّ على التسبيح ؟!

والرضا في هذه الآية عام في الدنيا والآخرة .

وقال سبحانه في خاتمة سورة الحجر : ” وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ “.

فانظر كيف أرشدت هذه الآية العظيمة إلى الدواء الذي يُستشفى به من ضيق الصدر ، والترياق الذي تستطبّ به النفوس .

” وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ “. (الرعد : 13)

” وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ “. (الأنبياء : 79)

” تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ “. (الإسراء : 44)

Exit mobile version