يوم جديد

يوم جديد :

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقبل الصباح بالحمد والثناء ، فكان يقول :

” الحمد لله الذي عافاني في جسدي ، وردَّ عليَّ روحي ، وأذن لي بذكره “. (أخرجه الترمذي في [ سننه ] : أبواب الدَّعوات ، برقم : 3401 ، وحسَّنه الألباني في [ صحيح الجامع ] ، برقم : 714)

– لله در الشاعر القائل :

هذا شعاعُ الصبحِ جاء مناديًا … يومٌ جديدٌ فاغتنمه تفوزُ

فابدأ بذكر الله و اشكر فضلَهُ … يأتيك رزقٌ واسعٌ و كنوزُ

– وقال شاعر آخر :

كلما وافاك صبحٌ … مُـدَّ للأنوار راحك

وابتسم للكون واسكب … في مآقيه انشراحك

– وقال آخر :

يا مُخرِج الإصباحِ من حلقِ الدجىٰ … أنت البديع مُنوِّر الأكوانِ

اجعلهُ يومًا طيِبًا ومباركًا … واحفظ علينا نعمة الإيمانِ

واكتب لنا فيه السلامةَ والرضا … واشملهُ بالتوفيقِ والإحسانِ

– قال حكيم :

كل يوم تعيشه هو هدية من اللّه ، فلا تضيعه بالقلق من المستقبل أو الحسرة على الماضي .

فقط قل : توكلت على اللّه وفوضت أمري إليه .

فكل شيء في هذه الدنيا إما أن يتركك أو أن تتركه إلا اللّه ، إن أقبلت إليه أغناك ، وإن تركته ناداك .

نسأل الله العلي القدير أن يجعل أيامنا كلها مشرقةً كالصباح ، مُنعشةً كنسماتِه ، مليئةً بالتفاؤلِ كأُولى ساعاتِه .

لفظ ( اليوم ) يُعبَّر به عن وقت طلوع الشمس إلى غروبها .. وقد يُعَبَّر به عن مدة من الزمان ؛ أي مدة كانت ، قال تعالى : ” إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ “. (آل عمران : 155)

ويوم أيوم : أي يوم شديد ، مثل ليل أليل : أي شديد الظلمة .

ويركب يوم مع ( إذ ) ، فيقال : يومئذ ، نحو قوله عز وجل : ” فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ “. (المدثر : 9)

– يومنا يبدأ بالحمد :

يومٌ يبدأ بالحمد ما أجمله ، وقلبٌ يسكنه الحمد ما أسعده ، ولسانٌ يلهج بالحمد ما أعظمه .

فكن حامدًا بكل ما تملك ؛ فالحمد يثقل الميزان : « سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ».

– مقَدار اليوم :

يتغير مقدار اليوم من مكان بالنسبة لمكان آخر ؛ فنجد الآتي :

اليوم على كوكب الأرض هو فترة زمنية قياسية مدته 24 ساعة ، وهو مكون من الليل والنهار اللذين يتعاقبان باستمرار دوران الأرض حول محورها .

فإذا ما تعددت أماكن الحساب نجد أن طول اليوم يختلف من مكان إلي أخر ، فإن متوسط عدد ساعات اليوم على كواكب المجموعة الشمسية كالتالي :

كوكب عطارد = 1408 ساعة .

كوكب الزهرة = 5832 ساعة .

كوكب المريخ = 25 ساعة .

كوكب المشترى = 10 ساعات .

كوكب زحل = 11 ساعة .

كوكب أورانوس = 17 ساعة .

كوكب نبتون = 16 ساعة .

كوكب بلوتو = 153 ساعة .

فطول اليوم هو مقدار الوقت الذي يستغرقه الكوكب لإتمام دورة كاملة حول محوره .

هناك فرق كبير بين زمان الدنيا المحدود الذي لا يكاد يساوي شيئًا وزمن الآخرة الأبدي غير المحدود .

هذه حقيقة يدركها الناس في الآخرة ولا سيما الذين يتعرَّضون لعذابها .

قَال الله تعالى :

” يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إن لَّبِثْتُمْ إلاَّ عَشْرًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إن لَّبِثْتُمْ إلاَّ يَوْمًا “. (طه : 102-104)

إنهم جميعًا يرون أن المدة التي لبثوها في الدنيا كانت قليلة وإن اختلفت تقديراتهم لمدى قلّتها ؛ فمنهم من يقول : إن لبثنا في الدنيا إنما كان عشرة أيام ، ومنهم من يقول : إنه كان يومًا واحدًا .

قَال الله تعالى :

” قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ “. (المؤمنون : 112-113)

ويُسْألُ الأشقياء في النار : كم بقيتم في الدنيا من السنين ؟ قالوا بقينا فيها يومًا أو بعض يوم ؛ وذلك لأن مدة مكثهم في الدنيا قليلة جدًّا بالنسبة إلى طول مدتهم خالدين في النار .

ندعوكم لقراءة : الليل والنهار

– اليوم عند الله تعالى :

إذا كان الناس يقيسون ما يعدهم الله به بمقياس أيامهم المعهودة ؛ فإن الله تعالى يذكِّرهم بأنه تعالى يقيس الأمور بأيام هي أطول من أيامهم بكثير .

قَال الله تعالى :

” وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ “. (الحج : 47)

” يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ “. (السجدة : 5)

هنا الحديث فيها عن أيام الله التي يكون فيها خلقه وتدبيره ، فوصفها عز وجل بأن مقدارها يبلغ ألف سنة من أيام الدنيا .

قَال الله تعالى :

” إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ “. (الأعراف : 54)

” وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ “. (فصلت : 10)

” قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ “. (فصلت : 9)

” فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا “. (فصلت : 12)

خلق الله تعالى السماء والأرض في أيام يقدر اليوم فيها بألف سنة من أيام الدنيا .

قَال الله تعالى :
” سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ * تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ * فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا * يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا “. (المعارج : 1-10)

آيات تتحدث عن يوم القيامة وهوله ، وما يكون فيه من أحداث عظام ، وآيات باهرة ، وأنَّ مِن أهواله طول ذلك اليوم بما يعادل خمسين ألف سنة من سني الدنيا .

– اليوم حسب شعور الناس به :

وكما يتغير مقدار كل زمان بالنسبة لزمان آخر فكذلك يتغير إدراك الناس له أو شعورهم به بحسب الحال التي هم فيها ؛ فالذي ينام ثم يستيقظ يكون تقديره للمدة التي نامها أقل بكثير من الزمن الحقيقي الموضوعي الذي قضاه في نومه .

قَال الله تعالى :

” وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ “. (الكهف : 19)

فهؤلاء أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعًا ، لكنهم عندما تساءلوا بعد أن استيقظوا : كم لبثتم ؟
قال قائل منهم : لبثنا يومًا أو بعض يوم .

– خَلْقٌ جديد :

قال الحسنُ البصريُّ رحمه الله :

{ ما من يوم ينشقُّ فجره إلا ويُنادي : يا ابن آدم أنا خلقٌ جديد ، وعلى عملك شهيد ، فتزوّد منِّي فإني إذا مضيتُ لا أعود .. إلى يوم القيامة }.

Exit mobile version