هل تعلم له سَميًّا

هل تعلم له سَميًّا :

الله جل جلاله ، ليس كمثله شيء في ذاته ، وأسمائه وصفاته ، وأفعاله .

قال الله تبارك وتعالى :

” رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا “. (مريم : 65)

– يقول ابن كثير :

وقوله : ( رب السماوات والأرض وما بينهما ) أي : خالق ذلك ومدبره ، والحاكم فيه والمتصرف الذي لا معقب لحكمه ، ( فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سَميًّا ) : قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هل تعلم للرب مثلًا أو شبهًا .
وكذلك قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وابن جريج وغيرهم .
وقال عكرمة ، عن ابن عباس : ليس أحد يسمى الرحمن غيره تبارك وتعالى ، وتقدس اسمه .

– قال قتادة رحمه الله :

قوله ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) لا سَمِيّ لله ولا عَدل له ، كلّ خلقه يقر له ، ويعترف أنه خالقه ، ويعرف ذلك .
ثم يقرأ هذه الآية : ” وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ “.

قتادة بن دعامة السَّدوسي ، أبو الخطاب .
تابعي وعالم في العربية واللغة وأيام العرب والنسب ، محدث ، مفسر ، حافظ ، علامة .
كان ضريرًا أكمه .. وكان يقول :{ ما قلت لمحدث قط أعد عليَّ ، وما سمعت أذناي قط شيئًا إلا وعاه قلبي }.

– قال العالم العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } أي : هل تعلم لله مساميًا ومشابهًا ومماثلًا من المخلوقين .
وهذا استفهام بمعنى النفي ، المعلوم بالعقل .
أي : لا تعلم له مساميًا ولا مشابهًا ؛ لأنه الرب ، وغيره مربوب ، الخالق ، وغيره مخلوق ، الغني من جميع الوجوه ، وغيره فقير بالذات من كل وجه ، الكامل الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه ، وغيره ناقص ليس فيه من الكمال إلا ما أعطاه الله تعالى ، فهذا برهان قاطع على أن الله هو المستحق لإفراده بالعبودية ، وأن عبادته حق ، وعبادة ما سواه باطل ، فلهذا أمر بعبادته وحده ، والاصطبار لها ، وعلل ذلك بكماله وانفراده بالعظمة والأسماء الحسنى .

ندعوكم لقراءة : أإله مع الله

– مع الدكتور محمد سيد طنطاوي :

يقول -رحمه الله تعالى- :

الاستفهام فى قوله : ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) للإنكار والنفى .

والسَّمي بمعنى المسامي والمضاهي والنظير والشبيه .

أى : هل تعلم له نظيرًا أو شبيهًا يستحق معه المشاركة فى العبادة أو الطاعة ؟!
كلا ، إنك لا تعلم ذلك ، لأنه -سبحانه- هو وحده المستحق للعبادة والطاعة ، إذ هو الخالق لكل شىء والعليم بكل شىء ، والقادر على كل شىء ، وما سواء إنما هو مخلوق له ، وساجد له طوعًا أو كرهًا ، ولا شبهة فى صفة من صفاته ، فهو -سبحانه- ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السميع البصير ﴾.

– تفسير القرطبي :

” رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا “.

قوله تعالى : رب السماوات والأرض وما بينهما أي ربهما وخالقهما وخالق ما بينهما ومالكهما ومالك ما بينهما ؛ فكما إليه تدبير الأزمان كذلك إليه تدبير الأعيان .. فاعبده أي وحده لذلك .. وفي هذا دلالة على أن اكتسابات الخلق مفعولة لله تعالى كما يقوله أهل الحق ، وهو القول الحق لأن الرب في هذا الموضوع لا يمكن حمله على معنى من معانيه إلا على المالك ، وإذا ثبت أنه مالك ما بين السماء والأرض دخل في ذلك اكتساب الخلق ، ووجبت عبادته لما ثبت أنه المالك على الإطلاق ، وحقيقة العبادة الطاعة بغاية الخضوع ، ولا يستحقها أحد سوى المالك المعبود ، واصطبر لعبادته أي لطاعته ولا تحزن لتأخير الوحي عنك ، بل اشتغل بما أُمرت به ، وأصل اصطبر اصتبر ، فثقل الجمع بين التاء والصاد لاختلافهما ، فأبدل من التاء طاء كما تقول من الصوم اصطام .

هل تعلم له سَميًّا ، قال ابن عباس : يريد هل تعلم له ولدًا أي نظيرًا ؛ أو مثلًا ؛ أو شبيهًا يستحق مثل اسمه الذي هو الرحمن .

وقال مجاهد : مأخوذ من المساماة .

وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : هل تعلم له أحدًا سمي الرحمن .. قال النحاس وهذا أجل إسناد علمته رُوي في هذا الحرف وهو قول صحيح ولا يُقال الرحمن إلا لله .

قلت : وقد مضى هذا مبينًا في البسملة و ” الحمد لله ” روى ابن أبي نجيح عن مجاهد هل تعلم له سميًّا قال : مثلًا .. ابن المسيب : عدلًا .. قتادة والكلبي : هل تعلم أحدًا يسمي الله تعالى غير الله ، أو يقال له الله إلا الله ، وهل بمعنى لا أي لا تعلم والله تعالى أعلم .

Exit mobile version