كل شيء عنده بمقدار :
قال الله تعالى في كتابه العزيز :
” اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ۖ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ “. (الرعد : 8)
عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ ) ، قال : ما رأت المرأة من يوم دمًا على حملها زاد في الحمل يومًا .
قال مجاهد ، في قوله : ( وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ) قال : الغيض : الحامل ترى الدم في حملها فهو ” الغيض ” ، وهو نقصانٌ من الولد .
وما زاد على تسعة أشهر فهو تمام لذلك النقصان ؛ وهي الزيادة .
- ومُجاهِد بْن جَبْر -رحمه الله تعالى- ، أثبت تلاميذ عبدالله بن عباس ، ابن عم سيد الناس ، صلى الله عليه وسلم .
وكان مولًى للسائب بن أبي السائب المخزومي القرشي .
ويُعرَف اختصارًا في المصادر والكتب التراثية بـ ” مجاهد “.
وهو إمامٌ وفقيه وعالمُ ثقة ، كثير الحديث ، وكان بارعًا في تفسير وقراءة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف .
روى مجاهد الكثير عن ابن عباس ، كما عرض عليه القرآن ثلاث مرات ، وكان يقف عند كل آية فيسأله عنها ، كيف كانت ، وفيم نزلت .
كما أخذ عن ابن عباس -إضافة إلى قراءة القرآن- تفسيره ، وكذلك أخذ عنه الفقه .
وروى مجاهد عن عائشة ، وعن أبي هريرة ، وسعد بن أبي وقاص ، وجابر بن عبدالله وعبدالله بن عمر ، وعن أبي سعيد الخدري ( رضي الله عنهم أجمعين ).
– التفسير الميسر للآية الثامنة من سورة الرعد :
الله تعالى يعلم ما تحمل كلُّ أنثى في بطنها ، أذكر هو أم أنثى ؟ وشقي هو أم سعيد ؟ ويعلم ما تنقصه الأرحام ، فيسقط أو يُولد قبل تسعة أشهر ، وما يزيد حمله عليها. وكل شيء مقدَّر عند الله بمقدار من النقصان أو الزيادة لا يتجاوزه .
– تقدير الملك :
كل شيء سيأتي في الوقت الذي قَدّره الله ، فلا تستعجلوا شيئًا لم يأذن الله تعالى به بعد ، ولا تستبطئوا أمرًا أذن الله بوقوعه ، ولكن خذوا ما تيسر من أسباب الفرج ، وسلوا الله العافية ، وفوضوا الأمر لله ، وأحسنوا الظن به .
الله مُحيط بكلّ تفاصيلك حتى التي لا تُدركها أنت ، الله مُدبرها لك ، حتى وإن لم تَعيّ ذلك .
صلتك بالله هي بوابتك للحياة ، قد تسكن قصرًا وتضيق بك الحياة ، وقد تسكن حجرة واحدة ويشرح الله صدرك .
ندعوكم لقراءة : عنده مفاتح الغيب
– كن مع الملك :
وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ لا يتقدم عليه ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص إلا بما تقتضيه حكمته وعلمه .
وكل شيء عنده سبحانه بقدر لا يجاوزه ولا ينقص عنه ، كما قال تبارك وتعالى : ” إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ “ ، وكما قال : ” وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ” ، فهو سبحانه ، يعلم كمية كل شيء وكيفيته وزمانه ومكانه وسائر أحواله .
قال مكحول :
يا ويلك ! غذّاك وأنت في بطن أمك ، وأنت طفل صغير ، حتى إذا اشتددت وعقلت قلت : هو الموت أو القتل ، أنى لي بالرزق ؟ ثم قرأ مكحول : ( اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ ۖ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ ).
وقال قتادة : ( وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ ) ؛ أي : بأجل ، حفظ أرزاق خلقه وآجالهم ، وجعل لذلك أجلًا معلومًا .
وفي الحديث الصحيح ،جاء في حديث المعلم صلى الله عليه وسلم ، أن إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم بعثت إليه : أن ابنًا لها في الموت ، وأنها تحب أن يحضره .
فبعث إليها يقول : ” إن لله ما أخذ ، وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، فمروها فلتصبر ولتحتسب ” … الحديث بتمامه .
- نبذة عن مكحول :
مكحول أو مكحول الشامي ، أو مَكْحُول الهُذَلي هو مكحول بن عبدالله ، أبو عبدالله الشامي .
محدِّث فقيه حافظ ، عالم أهل الشام ، من كبار أعلام التابعين ، وأشهر فقهائهم في بلاد الشام .
- قتادة رحمه الله :
هو قتادة بن دعامة السَّدوسي ، أبو الخطاب .
تابعي وعالم في العربية واللغة وأيام العرب والنسب ، محدث ، مفسر ، حافظ ، علامة .
كان ضريرًا أكمه .
وكان يقول : { ما قلت لمحدث قط أعد عليَّ ، وما سمعت أذناي قط شيئًا إلا وعاه قلبي }.
كان عالمًا موسوعيًّا ، رحمه الله تعالى .