فاروق عبد الحق :
بلاد الغرب يكيلون بمكيالين ، وأحيانًا بعدة مكاييل ؛ وذلك بالنظر إلى مصالحهم فحسب ، وهذا من أعجب العجب ، لبلاد تتشدق بالحرية وحقوق الإنسان ، وغير ذلك من العناوين العريضة البراقة التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع !!
والأمثلة على ذلك أكثر من أن تُعَدّ أو تُحصَى .
خذ مثلًا ، قصة إسلام مستشار الرئيس الأميركي الأسبق نيكسون ، واسمه : ” روبرت كرين ” الحاصل على دكتوراه في القانون العام ، ودكتوراه في القانون الدولي .
ثم أصبح رئيسًا لجمعية هارفارد للقانون الدولي ، ومستشارًا للرئيس الأميركي نيكسون للشؤون الخارجية ، ونائب مدير مجلس الأمن القومي الأميركي .
وكان أحد كبار الخبراء السياسيين في أميركا ، ومؤسس مركز الحضارة والتجديد في أمريكا .
وكان الرجل يتقن ست لغات حية .
أراد الرئيس الأميركي نيكسون ذات يوم أن يقرأ عن الأصولية الإسلامية ؛ فطلب من المخابرات الأمريكية أن تعد له بحثًا في ذلك الموضوع .
وفعلوا له ما أراد ، ولكن بحثهم كان طويلًا بعض الشىء .
طلب نيكسون من مستشاره روبرت كرين أن يقرأ البحث ويختصره له ؛ وقد كان ، قرأ روبرت البحث ، ورغم أن البحث يُعَبِّر عن وجهة نظر رجال المخابرات الأمريكية ولا يُعبر عن حقيقة دين الإسلام كما هو ، فإن البحث لفت نظر روبرت كرين إلى الإسلام واستفزه ؛ الأمر الذي جعله يطلب معرفة المزيد عن الإسلام ، فذهب يحضر ندوات ومحاضرات إسلامية ليتعرف أكثر على الموضوع .
وما هي إلا أيام حتى أسلم الرجل عن حب وقناعة ، ودوّى خبر إسلامه أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية بالكامل !!
وسمَّى نفسه ” فاروق عبد الحق “.
- معنى الاسم :
اختار الرجل اسمه الإسلامي بعناية فائقة ؛ فــ ” فاروق ” معناه : الرجل الذي يستطيع التفريق ما بين الحق والباطل .. والفاروق هو الفاصل الذي يقدر على الفصل ما بين الأمور .
وقد لُقِّب الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بهذا اللقب كناية عن قدرته على التفريق بين الحق والباطل .
أما عبد الحق ؛ فالحق هو الله تبارك وتعالى ؛ أي الثابت والصحيح دائمًا .
فهو عبدٌ لله الذي هو الحق ﷻ .
- سبب إسلامه :
ويقول الدكتور روبرت كرين عن سبب إسلامه :
{ بصفتي دارس للقانون ، فقد وجدت في الإسلام كل القوانين التى درستها ، بل وأثناء دراستي في جامعة هارفارد لمدة ثلاث سنوات لم أجد في قوانينهم كلمة ( العدالة ) ولو مرة واحدة !!
هذه الكلمة وجدتها في الإسلام كثيرًا }.
أسلم الرجل سنة 1981م ، وسَمَّى نفسه ( فاروقًا ) تأسيًا بالفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه الذي كان إمامًا للعدل بعد النبي ﷺ .
ندعوكم لقراءة : إسلام جيفري لانج
- الدين الحق :
عَلِمَ الرجل وأيقن أن الدين عند الله عز وجل ، هو الإسلام ؛ قال الله تعالى :
« إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ». (آل عمران : 19)
وأيقن تمامًا بعدما قرأ عن الإسلام ، أنه لن يُقبل من أحد أي دينٍ سوى الإسلام ؛ قال الله عز وجل :
« وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ». (آل عمران : 85)
- حوار قانوني :
يقول : كنا في حوار قانوني ، وكان معنا أحد أساتذة القانون من اليهود ، فبدأ يتكلم ويخوض في الإسلام والمسلمين ، فأردت أن أسكته ، فسألته : هل تعلم حجم قانون المواريث في الدستور الأمريكي ؟
قال : نعم ، أكثر من ثمانية مجلدات !!
فقلت له : إذا جئتك بقانون للمواريث فيما لا يزيد على عشرة سطور ، فهل تصدق أن الإسلام دين صحيح ؟
قال اليهودي : لا يمكن أن يكون هذا .
فأتيت له بآيات المواريث من القرآن الكريم وقدمتها له .
جاءني بعد عدة أيام يقول لي : لا يمكن لعقل بشري أن يحصي كل علاقات القربى بهذا الشمول الذي لا ينسى أحدًا ثم يوزع عليهم الميراث بهذا العدل الذي لا يظلم أحدًا .
وأسلم هذا الرجل اليهودي !!!
- داعية إلى الله :
قضى فاروق عبد الحق بقية حياته مدافعًا عن دين الإسلام وداعيًا إليه ، وكتب الكثير من البحوث عن مستقبل الإسلام في أمريكا والغرب ، والعوائق التي تقف في طريق انتشاره ، وانتقد المسلمين الذين يعيشون في الغرب ولا يطبقون الإسلام في واقع حياتهم ، واعتبر هذا أكبر العوائق التي تعيق انتشار الإسلام في الغرب .
- الإعلام المغرض :
ومن عجب أن الإعلام الغربي أهمل وهمَّش فاروق عبد الحق منذ اعتناقه الإسلام ، وهي عادة درج عليها الإعلام الغربي تجاه كل مستشرق مُنصِف ، وإزاء كل مشهور غربي اعتنق الإسلام .
- وفاته :
تُوفي الدكتور روبرت كرين ( فاروق عبد الحق ) سنة 2021م عن عمر ناهز الواحدة والتسعين دون أن يشير الإعلام الغربي إلى وفاته أو يحفل بها .