عمالقة ثلاثة :
عميد الأدب العربي ، وأمير الشعراء ، وشاعر النيل ؛ طه حسين ، وأحمد شوقي ، وحافظ إبراهيم ؛ عمالقة ثلاثة في دنيا الأدب العربي الحديث ، يعرفهم القاصي والداني .
كانت لهم أيادٍ بيضاء في اللغة والأدب بما قدموه للمكتبة العربية من كتب ودواوين شعر ننهل منها حتى اليوم والغد بإذن ربنا عز وجل .
في القرن العشرين كانت النهضة الأدبيَّة الكبرى ، وكان من أبرز مظاهرها الشعر ، وقد اضطلع شاعران مصريان كبيران بتلك النهضة ؛ فكان أحمد شوقي أميرًا للشعر والشعراء ، واستطاع المبدع حافظ إبراهيم أن يتبوَّأ موقعًا متميِّزًا بين شعراء عصره حتى لُقِّب بشاعر النيل .
وكلا الشاعرين قد أحييا الشعر العربي ، وردَّا إليه نشاطه ونضرته وقوته ؛ وها هي الشوقيات وديوان حافظ إبراهيم بين أيدينا ، وعلى أرفف المكتبات في كل مكان في مصر والبلاد العربية .
والعملاق الثالث هو الدكتور طه حسين علي سلامة ، المولود بعزبة الكيلو على مشارف المنيا في صعيد مصر يوم الرابع عشر من نوفمبر عام 1889م ، والذي عمل رئيسًا لمجمع اللغة العربية بالقاهرة ، يتصدى لنقد شعر العملاقين شوقي وحافظ ، وإنزاله المنزلة اللائقة التي يستحقها .
وعلى الرغم من أن علاقة طه حسين مع أحمد شوقي لم تكن على ما يُرام ، إلا أنه حاول التزام الحَيْدة والإنصاف ؛ فجاء كتابه عنهما نقدًا صادقًا أمينًا لهذين العَلَمَيْن من أعلام الأدب العربي ، راصدًا الأخطاء التي وقعا فيها ، وإن لم ينكر مكانتهما ودورهما في الشعر العربي .
** شهادة في حقه :
في المقدمة النقدية لكتاب الدكتور طه حسين [ الأيام ] ، كتب الدكتور أحمد درويش ؛ أستاذ النقد الأدبي والأدب المقارن بجامعة القاهرة ، يقول :
{ وأدرك طه حسين كذلك قيمة فنية عالية ، تتصل بفكرة ” اعتراف ” كاتب السيرة بنقاط ضعفه ، وشجاعته في أن يكتب عنها بدلًا من التركيز على نقاط قوته وتفوقه }.
** حافظ وشوقي :
أما كتابه [ حافظ وشوقي ] ؛ فهو أحد أشهر الأعمال والمؤلفات التي صدرت للأديب والمفكر المصري الكبير الدكتور طه حسين ، حتى إن البعض عَدَّهُ أحد أفضل كتاباته وأجملها لغويًّا ، وقد لاقى الكتاب ترحابًا كبيرًا بين جموع المثقفين حتى يومنا هذا .
وقد تميزت كتبه ورواياته وجميع أعماله بالشهرة الكبيرة والانتشار الواسع ، حتى تُرجمت إلى لغات عدة ، وقرأها الملايين من البشر .
وفي هذا الكتاب قدَّم عميد الأدب العربي دراسة نقدية أدبية وشعرية لكلٍّ من قطبي الشعر العربي والمصري الحديث : أحمد شوقي أمير الشعراء ، وشاعر النيل حافظ إبراهيم ، الذي جهر بأنه خير شاعر في مصر إذا استثنى أحمد شوقي .
وكان الدكتور طه حُسين حياديًّا في نقده حتى مع ما كان بينه وبين أمير الشعراء من خلاف وقتها .
** أسلوبه وفكره :
يتميز أسلوب الدكتور طه حسين باللغة الجيدة والتوصيف المميز ، والذي يجعل القارئ يستمتع باللغة ويذوب في جمالها ، وتصل به حد الاندماج معها حتى يُقارب القارئ على إهمال الفكرة التي يتناولها الكاتب أو يتغاضى عنها .
ولقد تمكن الدكتور طه بأسلوبه وفكره من تطوير وتغيير الرواية العربية حتى لُقِّب بـ ” عميد الأدب العربي “.
وقد كان تاريخه حافلًا بالعديد من المؤلفات .
وكان أسلوبه يوصف بالسهل الممتنع ، مع الحفاظ على قواعد اللغة ومفرادتها ، بالإضافة إلى الدعوة إلى التغيير والتجديد والتعرض للثقافات المختلفة .
ولقد ساهمت بعض أرائه الجريئة في خلافات كثيرة مع العديد من أدباء عصره .
** وفاته :
رحل طه حسين عن عالمنا في الثامن والعشرين من أكتوبر في عام 1973م بعد أن ترك باعًا طويلًا من المؤلفات والإنجازات التي أثرت في الكثيرين من مختلف التوجهات .
** أشهر كتبه ورواياته :
- كتاب على هامش السيرة – الجزء الأول .
- كتاب على هامش السيرة – الجزء الثاني .
- كتاب على هامش السيرة – الجزء الثالث .
- كتاب الفتنة الكبرى : علي وبنوه .
- كتاب مستقبل الثقافة في مصر .
- كتاب مع أبي العلاء في سجنه .
- كتاب الفتنة الكبرى : عثمان .
- كتاب في الشعر الجاهلي .
- كتاب في الأدب الجاهلي .
- كتاب صوت أبي العلاء .
- كتاب حديث الأربعاء .
- كتاب جنة الشوك .
- كتاب مع المتنبي .
- كتاب الشيخان .
- كتاب الأيام .
- رواية أديب .
** إنصاف للشاعرين :
في مجلة [ الهلال ] الصادرة بتاريخ الأول من ديسمبر 1932م ، كتب الدكتور طه حسين عن فقد مصر والعالم العربي للشاعرين الكبيرين حافظ وشوقي ، فقال :
{ في أقل من ثلاثة أشهر فقدت مصر لسانيها الناطقين ، وفقد الشرق العربي شاعريه العظيمين حافظًا وشوقيًّا ، وكأنما أراد القضاء أن يمهل أمير الشعراء شهرين وبعض شهر ليرثي حافظًا ويصفه بعد موته ، كما مدحه حافظ وأثنى عليه وأعلن إمارته في حياته }.