بيوت في الجنة :
ما أعظم هذا الدين ، من عند رب العالمين ، المُنَزَّل على قلب سيد المرسلين ، محمد بن عبدالله الصادق الأمين ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين .
فما من خيرٍ إلا ودلنا عليه بيقين ، وما من شَرٍّ إلا وحذرنا منه أجمعين .
– حديث شريف :
عن أَبي أُمَامَة الباهِليِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ :
” أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا ، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا ، وَببيتٍ في أعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ “.
( حديثٌ صحيحٌ ، رواه أَبُو داود بإِسنادٍ صحيحٍ – 11/631 ).
– فوائد من الحديث :
- جواز الضمان تشجيعًا على العمل لأن قوله صلى الله عليه وسلم : ( زعيم ) بمعنى ضامن ومتكفل .
- الترغيب في ترك المراء ؛ لأنه يفضي إلى الاختلاف والشقاق .
- الجنة درجات ، ومنازل الناس تكون في الجنة بحسب أعمالهم .
- حرمة الكذب ولو كان مزاحًا إلا ما استثني ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم :
« ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ، ويقول خيرًا وينمي خيرًا » .. قال ابن شهاب : ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها .
– الجدل والمِراء لغةً واصطلاحًا :
- معنى الجدل لغةً :
الجدل : اللدد في الخصومة والقدرة عليها ، وجادله أي : خاصمه ، مجادلة وجدالًا .
والجدل : مقابلة الحجة بالحجة ؛ والمجادلة : المناظرة والمخاصمة ، والجدالُ : الخصومة ؛ سُمِّي بذلك لشدته .
- معنى الجدل اصطلاحًا :
قال الراغب : ( الجِدَال : المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة ).
وقال الجرجاني : ( الجدل : دفع المرء خصمه عن إفساد قوله : بحجة ، أو شبهة ، أو يقصد به تصحيح كلامه ).
وقال أيضًا : ( الجدال : هو عبارة عن مراء يتعلَّق بإظهار المذاهب وتقريرها ).
- معنى المراء لغةً :
المراء : الجدال .. والتماري والمماراة : المجادلة على مذهب الشكِّ والريبة ، ويقال للمناظرة : مماراة ، وماريته أماريه مماراةً ومراءً : جادلته .
- معنى المراء اصطلاحًا :
المراء : هو كثرة الملاحاة للشخص لبيان غلطه وإفحامه ، والباعث على ذلك الترفع .
وقال الجرجاني : ( المراء : طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه ، من غير أن يرتبط به غرض سوى تحقير الغير ).
( مأخوذ عن : الدرر السنية ).
– التحذير من الكذب :
اعلم أخي الكريم أن الصدق باللسان هو أشهر أنواع الصدق وأظهرها ، وهناك صدق في النية والإرادة ، وصدق في العزم ، وصدق في الأعمال ، وصدق في مقامات الدين ؛ وهو أعلى الدرجات .
- قال الأصمعي الذكي الألمعي :
قال إياس بن معاوية المُزني ( الذي يُضرَب به المَثَل في الذكاء ) :
{ إن أشرف خصال الرجل صدق اللسان ، ومن عُدِم فضيلة الصدق ؛ فقد فُجِع بأكرم أخلاقه }.
- وقال الأحنف بن قيس :
{ لكل شيء حلية ، وحلية المنطق الصدق }.
- ويقول الإمام ابن باز رحمه الله تعالى :
المؤمن الصادق لا يكذب ، ولكن قد يكذب لنقص إيمانه وضعف إيمانه .
فالواجب على كل مؤمن أن يحذر الكذب ، ينبغي أن يتحرى الصدق ، يقول النبي ﷺ :
« عليكم بالصدق ! فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صِدِّيقًا ، وإياكم والكذب ! فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار ».
( متفق عليه ).
ويقول الله جل وعلا : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ “. (التوبة : 119)
ويقول سبحانه : ” هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ “. (المائدة : 119)
فالواجب تحري الصدق والحذر من الكذب أينما كان إلا في الأوجه التي يجوز فيها الكذب .
وعليكم بإخوان الصدق ، عيشوا في أكنافهم ؛ فإنهم زَيْنٌ في الرخاء ، وعُدَةٌ في البلاء .
– حُسن الخُلُق :
عن حسن الخلق يقول ابن القيم في [ مدارج السالكين ] :
{ الدِّينُ كُلُّهُ خُلُقٌ ، فَمَنْ زَادَ عَلَيْكَ فِي الْخُلُقِ : زَادَ عَلَيْكَ فِي الدِّين }.
– شهادة الله لنبيه :
قال الله الرب العليّ ، في حق حضرة النبيّ :
” وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ “. (القلم : 4)
قال الطبري : يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وإنك لعلى أدب عظيم ، وذلك أدب القرآن الذي أدبه الله به ، وهو الإسلام وشرائعه .
قال ابن عباس : على دين عظيم .
وقال الضحاك : يعني دينه وأمره الذي كان عليه ، مما أمره الله به ، ووكله إليه .
وقال الشوكاني في [ فتح القدير ] : وإنك لعلى خلق عظيم ، قيل هو الإسلام والدين وقيل القرآن .
وقال قتادة : هو ما كان يأتمر به من أمر الله وينتهي عنه من نهي الله .
وقال الزَّجَّاج : المعنى إنك على الخلق الذي أمرك الله به في القرآن .
وقيل هو رفقه بأمته وإكرامه إياهم .
– شهادة أُمِّنا عائشة :
عن عائشة رضي الله عنها قالت :
« ما ضَرَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شيئًا قَطُّ بيَدِهِ ، وَلَا امْرَأَةً ، وَلَا خَادِمًا ، إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبيلِ اللهِ ، وَما نِيلَ منه شيءٌ قَطُّ ، فَيَنْتَقِمَ مِن صَاحِبِهِ ، إلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شيئا مِن مَحَارِمِ اللهِ ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
( رواه مسلم ).
– معالي الأخلاق :
قال المعلم صلى الله عليه وسلم :
« إن الله تعالى جميل يحب الجمال ، ويحب معالي الأخلاق ، ويكره سفسافها ».
( صحيح الجامع للألباني : 1743 ، 1744 ).
ياله من مُعَلِّم .. صلى الله عليه وسلم .