اللغة والوطن :
يقول أنيس منصور : في الوثيقة القومية لمنهج اللغة العربية التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم ” روشتة لعلاج اللغة العربية على ألسنتنا الصغيرة والكبيرة ” ، وقد كتب الروشتة عدد كبير من أطباء الكلام والبلاغة وحسن الأداء .
لا ، لإنقاذ اللغة فقط ، وإنما للوطن أيضًا ؛ فاللغة وطن يجمعنا كلنا ويحفظنا ما دمنا نحفظ لغتنا .. فالقاعدة : احفظها تحفظك .. وقد ضربت الوثيقة مثلًا : اللغة العبرية .
أما التجربة العبرية فقد بدأت في منتصف القرن التاسع عشر حين كان اليهود مشتتين في كل الدول ، وعندما فكروا في إقامة الوطن قرر أحد المفكرين في أن اللغة هي التي سوف تجمعهم على لسان واحد ، هذا المفكر اسمه ( اليعازر بن يهود ) ، قرر إحياء اللغة العبرية ، وكانوا يسخرون منه ؛ فالعبرية مثل اللغة اللاتينية لغة ماتت ، ولكنه أفلح في أن يفرضها على الناس وأن يجعلها تستوعب كل المفردات الدينية والعلمية الحديثة ، ومضى في ذلك عشرين عامًا ، وأصدر قاموسًا في ستة عشر مجلدًا ، واتخذتها إسرائيل لغتها الوحيدة ، ومن يعمل في إسرائيل لا بد أن يعرف اللغة العبرية .. فلا بد من دراستها والتدريب عليها ؛ وبذلك جمعت اليهود من مائة وعشرين دولة ؛ فهي لغة جمعت شعوبًا في دولة واحدة .
عاشت اللغة فعاش الشعب .
أما الذي نرتكبه في مصر فهو قتل اللغة العربية ، وبعدها الشعب والدولة .. فلما انهدم المعبد في القدس ، أقام اليهود معبدًا آخر هو كتابهم ” التلمود ” ، ولكن بقي اليهود مشردين في الأرض ، وجاء من قام بإحياء اللغة العبرية فأقام بها الدولة !!
– ضرورة الحفاظ على اللغة :
دعا فضيلة الدكتور شوقي علام -مفتي الديار المصرية- إلى ضرورة الحفاظ على اللغة العربية والنهوض بها باعتباره ضرورة ملحَّة وواجبًا قوميًّا ووطنيًّا ؛ للحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية ، مشددًا على أهمية وقيمة اللغة العربية وتحقيق النهوض بها ، باعتبارها الأداة الرئيسية للتواصل والتعبير الأصيل عن هويتنا وحضارتنا العريقة .
وقال مفتي الجمهورية في كلمته بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية ، الذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام :
إن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم وحسبها هذا الشرف ، مصداقًا لقول المولى عز وجل : ” إنَّا أنْزَلْناهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعْقِلُونَ “.
مشيرًا إلى أن اللغة العربيَّة تعدُّ من أقدم اللغات على مستوى العالم .
كما استدل مفتي الجمهورية بقول الله تعالى : ” وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ” على أهميَّة اللُّغة العربيَّة في فهم آيات القرآن الكريم وتوضيح مقاصدها وتبيين معانيها ، باعتبار القرآن الكريم نزل بلسانٍ عربيٍّ فصيح معجز في عصرٍ كان العرب فيه يتباهون ببلاغة لغتهم ويتفاخرون بفصاحة ألسنتهم .
وأوضح مفتي الجمهورية أن وظيفة اللغة في المجتمعات لا تقتصر على التواصل فحسب ، بل هي الأداة التي يفكر بها الإنسان والوعاء الذي يحفظ التراث الثقافي ، وهي العامل الأول في انتشار الثقافة والتحضر .
وقال فضيلة المفتي : إن اللُّغة هي أحد أهم مُكوِّنات المُجتمع الرئيسيَّة ، ومن أهمِّ عوامل البناء في مُختلف الحضارات والثَّقافات ، وهي السَّبب الرئيسيُّ في قيام الدُّول وإنشاء المُجتمعات المُختلفة ؛ لأنَّ التَّواصل الذي يتمُّ عن طريق اللُّغة يعد اللَّبنة الأساسيَّة في عمليَّة البناء ، كما أن قوَّة وبلاغة اللُّغة يُعبِّران بشكل كبير عن تماسك المجتمع النَّاطق بها ، ويعكسان اهتمامه بها وبقواعدها ، وبعلومها وآدابها وضوابطها .
وأضاف مفتي الجمهورية : إن اللُّغة العربيَّة من أوعى اللغات على الإطلاق وأكثرها جزالةً في الألفاظ وقُدرةً على استيعاب المعاني ، إذ تُدعى لغة الضاد ، وهي لغةٌ واسعةُ المدى والبيان وهي لغة القرآن الكريم .
ندعوكم لقراءة : معلومات مميزة وغريبة عن اللغة العربية
– ونختم فنقول :
اللغة وطن ، ما ظهر منها وما بطن ، والمفروض أن يتحدث بها كل من قَطَن ، ولا نفرح بمن سكن ، ولا يعرف عنها شيئًا وقد رطن .
هي لغة القرآن لا تعرف من شَطَن ، أو لوَّث ماءها حتى عَطَن .
هي رسالة جادة لكل من فطن ، وفي بلاد العُرْبِ قد قَطَن ؛ أي سَكَن .
اللغة وطن .. اللغة وطن .