مواعظ

مواعظ :

قال الله عز وجل مخاطبًا نبيه ورسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم :

” ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”. (النحل : 125)

والمعنى : ادعُ إلى دين الإسلام أنت ومن اتبعك من المؤمنين بما تقتضيه حال المدعو وفهمه وانقياده ، وبالنصح المشتمل على الترغيب والترهيب ، وجادلهم بالطريقة التي هي أحسن قولًا وفكرًا وتهذيبًا ، فليس عليك هداية الناس ، وإنما عليك إبلاغهم ، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن دين الإسلام ، وهو أعلم بالمهتدين إليه ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات .

قال الليث : العظة : الموعظة ، وكذلك الوعظ .
والرجل يتّعظ إذا قَبل الموعظة حين يذكَّرُ الخير ونحوه ، مما يرقُّ لذلك قلبه .. يقال : وعظته عظة .. ومن أمثالهم المعروفة : لا تعظيني وتَعَظْعَظي أي اتعظي ولا تعظي .
وقوله : تعظعظي وإن كان كمكرّر المضاعف ، فإن أصله من الوعظ ، كما قالوا : خضخض الشّيْءَ في الماء وأصله من خاض .

الوعظ : هو النصح ، والتذكير بالعواقب ، وقد وعَظه ( من باب وعَد ، وعِظة أيضًا بالكسر ) فاتعظ أي : قبل الموعظة ، يقال : السعيد من وعظ بغيره والشقي من اتعظ به غيره .

إخواني ، تفكّروا في الحشر والمعاد وتذكّروا حين تقوم الأشهاد :
إنّ في القيامة لحسرات ، وإنّ في الحشر لزفرات ، وإنّ عند الصراط لعثرات ، وإنّ عند الميزان لعبرات ، وإنّ الظلم يومئذ ظلمات ، والكتب تحوي حتى النظرات .
وإنّ الحسرة العظمى عند السيئات ، فريق في الجنة يرتقون في الدرجات ، وفريق في السعير يهبطون الدركات .
وما بينك وبين هذا إلاّ أن يقال فلان مات وتقول ربّ ارجعون فيُقال فات .
( مواعظ ابن الجوزي : 53/1 ).

قال بعض العارفين : ينبغي للعبد أن تكون أنفاسُه كلُّها نفسَيْن : نفسًا يَحمد فيه ربَّه ، ونفسًا يستغفره من ذَنْبه .
ومتى شَهِدَ العبدُ هذين الأمرين استقامتْ له العبودية ، وتَرقّى في درجاتِ المعرفةِ والإيمان ، وتصاغرتْ إليه نفسُه ، وتواضَعَ لربِّه .
وهذا هو كمالُ العبودية ، وبه يَبرأُ من العُجْب والكِبْر وزينةِ العمل .

ندعوكم لقراءة : كلام قيم لابن القيم

يَا ابْنَ آدَمَ ، صَاحِبِ الدُّنْيَا بِبَدَنِكَ ، وَفَارِقْهَا بِقَلْبِكَ وَهَمِّكَ ، فَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ عَلَى عَمَلِكَ ، فَخُذْ مِمَّا فِي يَدَيْكَ لِمَا بَيْنَ يَدَيْكَ عِنْدَ الْمَوْتِ يَأْتِكَ الْخَيْر .
( حلية الأولياء ).

قد يتجاهلك العالم وتُساندك آية ؛ قال تعالى فى كتابه : ” إن الله بكل شيء عليم ” ، وقال : ” وهو معكم أينما كنتم ” ، وقال : ” لا تحزن إن الله معنا ” ، وقال : ” لا تحزن لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا “.

ارض بما قسم الله لك ، وابتسم ، وتأكد أنّ جمال الحياة في البساطة .

استمتع بحياتك في طاعة الله .

يقول الله الملك الحق :
” إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون “. (النحل : 90)

إن الله يأمر عباده بالعدل بأن يؤدي العبد حقوق الله وحقوق العباد ، وألا يفضّل أحدًا على أحد في الحكم إلا بحق يوجب ذلك التفضيل ، ويأمر بالإحسان بأن يتفضل العبد بما لا يلزمه كالإنفاق تطوعًا والعفو عن الظالم ، ويأمر بإعطاء الأقرباء ما يحتاجون إليه ، وينهى عن كل ما قبح ، قولًا كفحش القول ، أو فعلًا كالزنى ، وينهى عما ينكره الشرع ، وهو كل المعاصي ، وينهى عن الظلم والتكبر على الناس ، يعظكم الله بما أمركم به ، ونهاكم عنه في هذه الآية رجاء أن تعتبروا بما وعظكم به .

يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز :
” لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي كَبَد “. (البلد : 4)

لا يوجد في هذه الحياة دوام على حال ، اليوم أنت في حزن ، غدًا برحمة الله في سعادة ، والعكس بالعكس ؛ لأن القرار والنعيم الأبدي : هو في الجنة فقط .

ننتظر الأوضاع تتغير ، والأحوال تتحسن والمتاعب تنتهي ؛ بينما الحياة تستمر ، و الأيام تمر ، والسنون تنقضي ، والعمر يمضي ؛ لذا من كمال الحكمة ، أن نعيش اللحظة ، ونستمتع بالمتوفر ، ونرضى بالمقسوم ، ولا نبخس الموجود ، فلعله عند غيرنا مفقود .

‏لو قلّبتَ صفحاتِ أيّامك مُتأمّلًا لوجدتَ أنّ أكثرها أُنسًا وسلامًا وسعادة هي الأيام التي كنت فيها إلى الله أقرب ، وأن أيسرَ الهموم التي مرّت على قلبك هي التي اتخذتَ ربّك لها وكيلًا .

وبها نختم المواعظ ، يقول الملك جل في علاه :

” إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا “. (النساء : 58)

Exit mobile version