مع الطغرائي

مع الطغرائي :

الطغرائي : هو الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد ، أبو إسماعيل ، مؤيد الدين ، الأصبهاني الطغرائي .
شاعر ، من الوزراء الكتاب ، كان يُنعَت بالأستاذ .
وُلد بأصبهان ، واتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي ( صاحب الموصل ) فولاه وزارته .
ثم اقتتل السلطان مسعود وأخ له اسمه السلطان محمود ؛ فظفر محمود وقبض على رجال مسعود ، وفي جملتهم الطغرائي ، فأراد قتله ثم خاف عاقبة النقمة عليه ، لما كان الطغرائي مشهورًا به من العلم والفضل ، فأوعز إلى من أشاع اتهامه بالإلحاد والزندقة ، فتناقل الناس ذلك ، فاتخذه السلطان محمود حجة ، فقتله .

نسبته الطغرائي إلى كتابة الطغراء ، وهي الطرَّة التي تُكنَب في أعلى المناشير فوق البسملة بالقلم الجليّ ؛ كما قال ابن خلكان في وفيات الأعيان .

برع في كتابة الشعر ، وترقت به الحال في خدمة سلاطين آل سلجوق إلى أن صار وزيرًا للسلطان مسعود بن محمد السلجوقي صاحب الموصل .

ثم تولى وزارة ديوان الإنشاء وبلغ به الغاية في الجودة والإتقان ، حتى إنه لم يكن يضاهيه في دولة بني سلجوق أحد حتى مقتله .

له ديوان شعر وأشهر شعره ( لامية العجم ).
وللمؤرخين ثناء عليه كثير .

– هيا لنقرأ بعضًا من شعره الرائع :

قال الطغرائي موصيًا أبناءه ، وكل الأبناء :

كونُوا جميعًا يا بَنِيَّ إِذا اعتَرى … خَطْبٌ ولا تتفرقُوا آحادَا

تأبَى القِداحُ إِذا اجتمعْنَ تكسُّرًا … وإِذا افترقْنَ تكسَّرتْ أفرادَا

حول هذا المعنى ، يقول الطغرائي :

تأبَى صروفُ الليالي أن تُديمَ لنا … حالًا فصبرًا إِذا جاءتْك بالعَجَبِ

إنْ كان نفسُكَ قد منَّتْك كاذبةً … دوامَ نُعمَى فلا تغتَرَّ بالكَذِبِ

أو خيَّبَتْكَ لدى البأساءِ من فَرَجٍ … يُديلُ منها فكَذِّبْها ولا تَخِبِ

من أجمل ما قرأت عن العلم والمال ، هذه الأبيات الشعرية التي نطق بها هذا الشاعر المبدع ، قال :

من قاسَ بالعلمِ الثراءَ فإنَّهُ … في حُكمهِ أعمى البصيرةِ كاذبُ

العلمُ تخدمُه بنفسك دائمًا … والمالُ يخدمُ عنكَ فيه نائبُ

والمالُ يُسلَبُ أو يبِيدُ لحادثٍ … والعلمُ لا يُخشَى عليه سالبُ

والعلمُ نقشٌ في فؤادِكَ راسخٌ … والمالُ ظِلٌّ عن فِنائِكَ ذاهبُ

هذا على الإنفاقِ يغزُرُ فيضُهُ … أبدًا وذلك حين يُنفَقُ ناضِبُ

ندعوكم لقراءة : مع الإمام الهمام

قال شعرًا رائعًا في هذا المعنى ، لله دره :

سماؤنا من ذهبٍ خالصٍ … وأرضنا البيضاء من فضه

والجوهر الأول قيد الذي … تطلبه بالقوة المحضه

لما سبكناه بتدبيرنا … أصلح منه بعضه بعضه

لا داخل فيه ولا خارج … عنه يمشي ماؤه أرضه

فارضَ بما فيه ففيه الغنى … وما سوى ذلك لا ترضه

وتحت هذا العنوان ، كتب يقول ، وما أجمل ما قال :

صنوان ضدان أب واحد … رباهما في الزمن الذاهبِ

بينهما بعد فمن طالع … في أفق الشرق ومن غاربِ

قد ظفر الطالب بالهارب … وتمّ منه بغية الطالبِ

فصاحب المشرق من جانب … وصاحب المغرب من جانبِ

صارا جميعًا نحو وسط السما … فالتقيا في الوسط الغالبِ

فاصطحبا فيه وزالت به … عداوة المصحوب والصاحبِ

ومن حراك النافر المرتقي … ومن سكون الثابت الراسبِ

طبيعة خامسة ولّدت … فيها انبساط الغائص الذائبِ

كالذهب الإبريز باقٍ على ال … نار صبور ليس بالهاربِ

هيا نأخذ بنصيحة شاعرنا الكبير ، وهو يقول :

اعمل بجدّ وجَلَد
فإنّ من جَدّ وجد

وحمّر الروح وبَيّض
بالتصاعيد الجسد

وحكم التزويج فال
خلط هو الأمر الأشد

واسبك بلين النار فال
خلط إذا ذاب همد

وكلما حللته
من جسد فقد عقد

وإن جهلت الوزن فاع
دنه ففي العجن الرشد

وكن خبيرًا بالأدا
ة والسداد والمدد

وحجر الصنعة فاع
رفه فقد نلت الأمد

فقد كشفنا لك ما
لم يبده قطّ أحد

Exit mobile version