مراد هوفمان

مراد هوفمان :

هو حكاية ليست ككل الحكايات ، وشخصية رائعة تختلف عن الكثير من الشخصيات ، خصوصًا في زمن النت والفضائيات .. هزّ إسلامه أوروبا في زمنٍ قريبٍ فات .

كما هزّها كتاباه : ( الإسلام هو البديل ) و ( الإسلام في الألفية الثالثة .. ديانة في صعود ) .. إنه الثبات حتى الممات ، وها هو قد مات .
فليرحمه ربنا بديع السماوات ، ويدخله الجنة بل الجنات ، بإذنه وعفوه ورحمته غافر الزلات .

كان مراد هوفمان دبلوماسيًّا وسفيرًا قويًّا لألمانيا في المغرب والجزائر ، وأخيرًا كان رئيس قسم المعلوماتية في حلف الناتو .

وهو ألماني الجنسية ، حصل على شهادة الدكتوراه في القانون من جامعة هارفرد ، شغل منصب سفير ألمانيا في المملكة المغربية وهو في مقتبل عمره .

تعرض هوفمان لحادث مرور مروّع ، فقال له الجرّاح بعد أن أنهى إسعافه :

” إن مثل هذا الحادث لا ينجو منه -في الواقع- أحد ، وأتوقع أن الله يدّخر لك يا عزيزي شيئًا خاصًاً جدًّا “.

وصدق حدس هذا الطبيب ، إذ اعتنق د. هوفمان الإسلام بعد دراسة عميقة له ، وبعد معاشرته لأخلاق المسلمين الطيبة في المغرب .

– حملة شرسة بسبب إسلامه :

وعندما أشهر إسلامه ، حاربته الصحافة الألمانية محاربة ضارية ، حتى أمه ! عندما أرسل إليها رسالة أشاحت عنها وقالت : ” ليبقَ عند العرب “.

ولله در القائل :

قال لي صاحـبي أراك غريبــًـا … بيــن هــذا الأنام دون خليلِ

قلت كلا ، بــل الأنـامُ غريبٌ … أنا في عالمي وهذي سـبيلي

لم يكترث هوفمان بكل هذا ، يقول :

” عندما تعرضت لحملة طعن وتجريح شرسة في وسائل الإعلام بسبب إسلامي ، لم يستطع بعض أصدقائي أن يفهموا عدم اكتراثي بهذه الحملة ، وكان يمكن لهم العثور على التفسير في هذه الآية الكريمة : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } “.

وبعد إسلامه بدأ د. هوفمان مسيرة التأليف ، ومن مؤلفاته :

والكتاب الأخير أحدث ضجة كبيرة في ألمانيا .

يتحدث د. هوفمان عن التوازن الكامل والدقيق بين المادة والروح في الإسلام فيقول :

” ما الآخرة إلا جزاء العمل في الدنيا ، ومن هنا جاء الاهتمام بالدنيا ، فالقرآن يلهم المسلم الدعاء للدنيا ، وليس الآخرة فقط ، { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً } ، وحتى آداب الطعام والزيارة تجد لها نصيبًا في الشرع الإسلامي “.

ويعلل د. مراد ظاهرة سرعة انتشار الإسلام في العالم ، رغم ضعف الجهود المبذولة في الدعوة إليه بقوله :

” إن الانتشار العفوي للإسلام هو سمة من سماته على مر التاريخ ؛ وذلك لأنه دين الفطرة المنزّل على قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم “.

ويقول رحمه الله :

” الإسلام دين شامل وقادر على المواجهة ، وله تميزه في جعل التعليم فريضة ، والعلم عبادة ، وإن صمود الإسلام ورفضه الانسحاب من مسرح الأحداث ، عُدَّ في جانب كثير من الغربيين خروجًا عن سياق الزمن والتاريخ ، بل عَدّوه إهانة بالغة للغرب “.

– إنسانية منافقة :

ويتعجب هوفمان من إنسانية الغربيين المنافقة فيكتب :

” في عيد الأضحى ينظر العالم الغربي إلى تضحية المسلمين بحيوان على أنه عمل وحشي ، وذلك على الرغم من أن الغربي ما يزال حتى الآن يسمي صلاته قربانًا ! وما يزال يتأمل في يوم الجمعة الحزينة ؛ لأن الرب ( ضَحَّى ) بابنه من أجلنا “.
يفخرون بالتضحية بالرب ويعيّروننا بالتضحية بحيوان !!!

– موعد الإسلام الانتصار :

ويقول هوفمان :

” لا تستبعد أن يعاود الشرق قيادة العالم حضاريًّا ، فما زالت مقولة : ( يأتي النور من الشرق ) صالحة .. إن الله سيعيننا إذا غَيَّرنا ما بأنفسنا ، ليس بإصلاح الإسلام ، ولكن بإصلاح موقفنا وأفعالنا تجاه الإسلام “.

– نصيحته للمسلمين :

والدكتور هوفمان يقدم نصيحة للمسلمين ، ليعاودوا الإمساك بمِقوَد الحضارة بثقة واعتزاز بهذا الدين ، يقول :

” إذا ما أراد المسلمون حوارًا حقيقيًا مع الغرب ، عليهم أن يثبتوا وجودهم وتأثيرهم ، وأن يُحيوا فريضة الاجتهاد ، وأن يكفوا عن الأسلوب الاعتذاري والتبريري عند مخاطبة الغرب .. فالإسلام هو الحل الوحيد للخروج من الهاوية التي تردّى الغرب فيها ، وهو الخيار الوحيد للمجتمعات الغربية في القرن الحادي والعشرين “.

ويقول :

” الإسلام هو الحياة البديلة بمشروع أبدي لا يبلى ولا تنقضي صلاحيته ، وإذا رآه البعض قديمًا ، فهو أيضًا حديث ومستقبليّ لا يحدّه زمان ولا مكان ، فالإسلام ليس موجة فكرية ولا موضة ، ويمكنه الانتظار “.

عن كتاب : ( ربحت محمدًّا ولم أخسر المسيح ).

– مراد هوفمان :

والدكتور مراد ويلفريد هوفمان المولود في السادس من يوليو 1931م في أشافنبورغ ، والمُتَوفَى يوم الثالث عشر من يناير 2020م في بون ، كان محاميًّا ودبلوماسيًّا وكاتبًا ألمانيًّا .

اعتنق الإسلام عام 1980م ، وقام بتأليف العديد من الكتب عن الإسلام -كما أسلفنا- ، وتركزت العديد من كتبه ومقالاته على وضع الإسلام في الغرب ، وبعد 11 سبتمبر على وجه الخصوص ، في الولايات المتحدة الأمريكية .

كما أنه أحد الموقعين على ( مبادرة كلمة سواء ) ، وهي رسالة مفتوحة لعلماء المسلمين إلى القادة المسيحيين ، تدعو إلى السلام والتفاهم .

ندعوكم لقراءة : حكاية رواندا مع الإسلام

Exit mobile version