كلام قيم لابن القيم :
1- قال رحمه الله :
” فليسَ للقَلْبِ أَنْفَعُ من مُعامَلةِ الناسِ باللُّطْفِ ، وحُبِّ الخَيْرِ لهم ؛ فإنَّ مُعامَلَةَ الناسِ بذلك :
- إما أَجْنبِيٌّ ؛ فتكْتسِبُ مودّتَهُ ، ومحبتَهُ .
- وإما صاحِبٌ ؛ فتسْتَديمُ صُحْبَتُهُ ، ومَوَدَّتُهُ .
- وإما عَدُوٌّ مُبْغِضٌ ؛ فتُطْفِئُ بُلطْفِكَ جَمْرتَهُ ، وتَستكْفي شَرَّه ُ.
ومن حَمَل الناسَ على المَحامِلِ الطَّيِّبةِ ، وأَحْسَنَ الظَّنَّ بهم ؛ سَلِمَتْ نِيِّتُهُ ، وانْشَرَحَ صَدْرُهُ ، وعُوفيَ قَلْبُهُ ، وحفِظَهُ اللهُ من السُّوءِ والمَكارِهِ “.
2- وهذا كلام جميل عن التوبة :
” فليس للعبد إذا بُغي عليه وأُوذي ، وتسلَّط عليه خصومُهُ شيءٌ أنفع له مِن التوبة النصوح ، وعلامةُ سعادته : أن يعكس فِكْرَه ونظره على نفسه وذنوبه وعيوبه ، فيشتغل بها وبإصلاحها والتوبة منها ، فلا يبقى فيه فراغٌ لتدبُّر ما نزل به ، بل يتولَّى هو التوبةَ وإصلاحَ عيوبه ، واللهُ يتولَّى نُصرتَه وحِفْظه والدفعَ عنه ولا بُدَّ ، فما أسعدَه مِن عبدٍ !
وما أبركَها مِن نازلةٍ نزلت به !
وما أحسنَ أثَرَها عليه !
ولكنَّ التوفيق والرشد بيدِ الله ، لا مانعَ لِما أعطى ولا مُعطيَ لِما منع “.
( من كتابه : بدائع الفوائد ).
3- وقال عن الهجرة :
” فللعبد في كلّ وقتٍ هجرتان :
- هجرةٌ إلى اللَّهِ بالطَّلبِ ، والمحبَّةِ ، والعبوديّة ، والتّوكل ، والإِنابة ، والتّسليم ، والتّفويض ، والخوف ، والرجاءِ ، والإِقبال عليه وصدق اللّجئ ، والافتقار في كلّ نفس إِليه .
- وهجرة إِلى رسوله -صلّى اللّه عليه وسلّم- فى حركاته ، وسكناته الظّاهرة والباطنة ، بحيث تكون موافقة لشرعه الذي هو تفصيل محابّ اللّه ومرضاته ، ولا يقبل اللّه من أَحدٍ دينًا سواه ، وكل عمل سواه ، فعيش النّفس وحظّها لا زاد المعاد “.
( طريق الهجرتين ).
4- وقال عن يومِ الدين :
” إنّه اليوم الذي يدين اللّه العبادَ بأعمالهم ، فيثيبهم على الخيرات ، ويعاقبهم على المعاصي والسّيِّئات ، وما كان اللّه ليعذِّب أحدًا قبل إقامة الحجّة عليه ؛ والحجّة إنّما قامت برسله ، وكتبه ، وبم استُحِقّ الثّواب والعقاب ، وبهم سوق يوم الدّين ، وسيق الأبرار إلى النَّعيم ، والفجّار إلى الجحيم “.
5- وقال عن الذكر :
قال النبي ﷺ لمعاذ : ” والله يا معاذ إني لأحبك ، فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”.
فجمع بين الذكر والشكر ، كما جمع سبحانه وتعالى بينهما في قوله تعالى : ” فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلَا تَكْفُرُونِ “.
( عن كتاب : الوابل الصيب لابن القيم ).
6- وقال عن محبة الله لك :
” لو كشف الله الغطاء لعبده ، وأظهر له كيف يدبر له أموره ، وكيف أن الله أكثر حرصًا على مصلحة العبد من العبد نفسه ، وكيف أنه أرحم به من أمه لذاب قلب العبد محبةً لله ، ولتقطّع قلبه شكرًا لله “.
7- قال عن أيام الدنيا :
” أيام الدّنيا كأحلام نومٍ أو كظلّ زائل ، إن أضحكتْ قليلًا ، أبكتْ كثيرًا ، و إن سرّتْ يومًا أو أيامًا ، ساءتْ أشهرًا و أعوامًا “.
( عدة الصابرين : 326 ).
8- كلام قيم لابن القيم عن الدعاء :
” الأدعية والتعوذات بمنزلة السلاح ، والسلاح بضاربه -لا بحده فقط- ، فمتى كان السلاح تامًا لا آفة به ، والساعد ساعد قوي ، والمانع مفقود ، حصلت به النكاية في العدو ، ومتى تخلف واحدٌ من هذه الثلاثة تخلف التأثير “.
( الجواب الكافي ).
9- قال عن محبة القرآن :
” إذا أردت أن تعلم ما عندك وعند غيرك من محبة الله ؛ فانظر محبة القرآن من قلبك “.
ندعوكم لقراءة : مع الإمام الشافعي
10- وقال عن اللسان :
” إن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال ، فيجد لسانه قد هدمها عليه كلها ، ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله عز وجل وما اتصل به “.
(الداء والدواء : ص113 ).
11- وقال عن مسوغات دخول الجنة :
” العبد لا يمكن دخوله الجنة إلا بالتمحيص ، وهذا التمحيص يكون في دار الدنيا بأربعة أشياء :
- التوبة .
- الاستغفار .
- الحسنات الماحية .
- المصائب المكفرة .
وإن لم تفِ هذه الأربعة بتخليصه وتمحيصه ، مُحِّص في البرزخ بثلاثة أشياء :
- صلاة أهل الإيمان عليه ، واستغفارهم له ، وشفاعتهم له .
- فتنة القبر .
- ما يهدي إليه إخوانه المسلمون من هدايا الأعمال .
فإن لم تفِ هذه الثلاثة بالتمحيص مُحِّص في الموقف بثلاثة أشياء :
- أهوال القيامة وشدة الموقف .
- شفاعة الشفعاء .
- عفو الله -عز وجل- .
فإن لم تفِ هذه الثلاثة بتمحيصه فتكون النار طهرة له وتمحيصًا لخبثه ، ويكون مكثه فيها على حسب كثرة الخبث وقلته ، وشدته وضعفه ، وتراكمه ، فـإذا خرج خبثه وصار خالصًا طيبًا ، أُخرِج من النار ، وأُدخِل الجنة “.
( مدارج السالكين ).
12- كلام قيم لابن القيم عن الصلاة :
” فإن السالك فى أول الأمر يجد تعب التكاليف ومشقة العمل ؛ لعدم أُنس قلبه بمعبوده .
فإذا حصل للقلب روح الأنس زالت عنه تلك التكاليف والمشاق ، فصارت قرة عين له وقوة ولذة ؛ فتصير الصلاة قرة عينه بعد أن كانت عملًا عليه ويستريح بها بعد أن كان يطلب الراحة منها .
فله ميراث من قوله صلى الله عليه وسلم : ( أرحنا بالصلاة يا بلال ) ، و( جُعلت قرة عيني فى الصلاة ) بحسب إرادته ومحبته وأنسه بالله سبحانه وتعالى ووحشته مما سواه “.
13- وقال عن الجزاء من جنس العمل :
” لما عقر سليمان بن داود عليهما السلام الخيل التي شغلته عن صلاة العصر حتى غابت الشمس ؛ سَخَّر الله له الريح يسير على متنها حيث أراد ، ولما ترك المهاجرون ديارهم لله ، وأوطانهم التي هي أحب شيء إليهم ؛ أعاضهم الله أن فتح عليهم الدنيا ، ومَلَّكَهُم شرق الأرض وغربها “.
( روضة المحبين ).
14- وينصحنا بكثرة الصلاة على رسول الله ؛ فيقول :
” من مغرب يوم الخميس إلى مغرب الجمعة ، كل ثانية فيها خزائن من الحسنات ؛ فلنكثر من الصلاة على النبي ﷺ “.
15- وقال وهو يتحدّث عن خصائص يوم الجمعة :
” إنه اليوم الذي يُستحب أنْ يُتفرغ فيه للعبادة ، وله على سائر الأيام مَزِيَّةٌ بأنواع من العبادات ، واجبة ومستحبة :
فالله سبحانه جعل لأهل كلِّ ملة يومًا يتفرغون فيه للعبادة ، ويتخلون فيه عن أشغال الدنيا ، فيوم الجمعة يوم عبادة .
وهو في الأيام كشهرِ رمضانَ في الشهور ، وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان ؛ ولهذا من صح له يوم جمعته وسلم ، سلمت له سائرُ جمعته ، ومن صح له رمضان وسلم ، سلمت له سائر سنته ، ومن صحت له حجته وسلمت له ، صح له سائر عمره ، فيوم الجمعة ميزان الأسبوع ، ورمضان ميزان العام ، والحج ميزان العمر “.
( من كتاب زاد المعاد 398/1 ).