حكاية حديث مع الألباني :
حديث عظيم جعل الإمام الألباني رحمه الله تعالىٰ يسجد لله تعالىٰ شكرًا لما تيقن من صحته .
قال الألباني رحمه الله : { حديث أضناني البحث عنه حتىٰ وجدته ؛ فسجدت لله شكرًا }.
- عن أنس رضي الله عنه قال :
« جاء أعرابي إلىٰ النبي ﷺ ، فقال : يا رسول الله علمني خيرًا .
فأخذ النبي ﷺ بيده فقال :
” قل : سُبْحَـانَ اللهِ ، وَالْحَمْدُ للهِ ، وَلَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ ، وَاللهُ أَكْبَرُ “.
فعقد الأعرابي علىٰ يده ، ومضىٰ وتفكَّر ثم رجع .
فتبسم النبي ﷺ وقال : ” تفكر البائسُ “.
فجاء فقال : يا رسول الله ! سُبْحَـانَ اللهِ ، وَالْحَمْدُ للهِ ، وَلَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ ، وَاللهُ أَكْبَرُ ..
هٰذا لله .. فما لي ؟!
فقال له النبي ﷺ :
” يا أعرابي إذا قلت :
سُبْحَـانَ اللهِ قال الله : صدقت .
وإذا قلت : الْحَمْدُ للهِ ، قال الله : صدقت .
وإذا قلت : لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ ، قال الله : صدقت .
وإذا قلت : الله أكبر ، قال الله : صدقت .
وإذا قلت : اللهم اغفر لي ، قال الله : قد فعلت ، وإذا قلت : اللهم ارحمني ، قال الله : قد فعلت ، وإذا قلت : اللهم ارزقني ، قال الله : قد فعلت “.
فعقد الأعرابي علىٰ سبع في يده ، ثم ولىٰ ».
قال العلامة المحدث/ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالىٰ :
{ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وهٰذا إسناد جيد ، رجاله ثقات وأما الحسن بن تواب -وهو أحد رواة الحديث- فقد أضناني البحث عنه حتىٰ وجدته ؛ فسجدت لله شكرًا علىٰ توفيقه ، فأسأله المزيد من فضله }.
( المصدر : [ سلسلة اﻷحديث الصحيحة ] ، رقم : 3336 ).
- والألباني هو :
الإمام والمحدث أبو عبد الرحمن محمد بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم الأشقودري الألباني الأرنؤوطيّ المعروف باسم محمد ناصر الدين الألباني ( 1914 – 1999م ) باحث في شؤون الحديث ، ويُعدّ من علماء الحديث ذوي الشهرة في العصر الحديث ، له الكثير من الكتب والمصنفات في علم الحديث وغيره وأشهرها : سلسلة الأحاديث الصحيحة ، وسلسلة الأحاديث الضعيفة ، وصحيح الجامع الصغير وزيادته ، وضعيف الجامع الصغير وزيادته ، وصفة صلاة النبي صلّى الله عليه وسلم .
– نشأته :
ولد الشيخ محمد ناصر الدين بن الحاج نوح الألباني عام 1333 هـ الموافق 1914 م في مدينة أشقودرة عاصمة دولة ألبانيا -حينئذ- عن أسرة فقيرة متدينة يغلب عليها الطابع العلمي ، فكان والده مرجعًا للناس يعلمهم و يرشدهم .
هاجر بصحبة والده إلى دمشق الشام للإقامة الدائمة فيها بعد أن انحرف أحمد زاغو ( ملك ألبانيا ) ببلاده نحو الحضارة الغربية العلمانية .
أتم العلامة الألباني دراسته الابتدائية في مدرسة الإسعاف الخيري في دمشق بتفوق .
نظرًا لرأي والده الخاص في المدارس النظامية من الناحية الدينية ، فقد قرر عدم إكمال الدراسة النظامية ووضع له منهجًا علميًّا مُركزًا قام من خلاله بتعليمه القرآن الكريم ، والتجويد ، والنحو والصرف ، وفقه المذهب الحنفي ، و قد ختم الألباني على يد والده حفظ القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم ، كما درس على الشيخ سعيد البرهاني مراقي الفلاح في الفقه الحنفي وبعض كتب اللغة والبلاغة ، هذا في الوقت الذي حرص فيه على حضور دروس و ندوات العلامه بهجة البيطار .
أخذ عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادها حتى صار من أصحاب الشهرة فيها ، و أخذ يتكسب رزقه منها ، وقد وفرت له هذه المهنه وقتًا جيدًا للمطالعة والدراسة ، و هيأت له هجرته للشام معرفة باللغة العربية والاطلاع على العلوم الشرعية من مصادرها الأصلية .
– توجهه إلى علم الحديث واهتمامه به :
على الرغم من توجيه والد الألباني المنهجي له بتقليد المذهب الحنفي وتحذيره الشديد من الاشتغال بعلم الحديث ، فقد أخذ الألباني بالتوجه نحو علم الحديث وعلومه ، فتعلم الحديث في نحو العشرين من عمره متأثرًا بأبحاث مجلة المنار التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا -رحمه الله- و كان أول عمل حديثي قام به هو نسخ كتاب [ المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار ] للحافظ العراقي -رحمه الله- مع التعليق عليه .
كان ذلك العمل فاتحة خير كبير على الشيخ الألباني حيث أصبح الاهتمام بالحديث وعلومه شغله الشاغل ، فأصبح معروفًا بذلك في الأوساط العلمية بدمشق ، حتى إن إدارة المكتبة الظاهرية بدمشق خصصت غرفة خاصة له ليقوم فيها بأبحاثه العلمية المفيدة ، بالإضافة إلى منحه نسخة من مفتاح المكتبة حيث يدخلها وقت ما شاء .
أما عن التأليف والتصنيف ، فقد ابتدأهما في العقد الثاني من عمره ، وكان أول مؤلفاته الفقهية المبنية على معرفة الدليل والفقه المقارن كتاب [ تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد ] ، وهو مطبوع مرارًا ، ومن أوائل تخاريجه الحديثية المنهجية أيضًا كتاب [ الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير ] ، ولا يزال مخطوطًا .
كان لاشتغال الشيخ الألباني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أثره البالغ في التوجه السلفي للشيخ ، وقد زاد تشبثه وثباته على هذا المنهج مطالعته لكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم و غيرهما من أعلام المدرسة السلفية .
حمل الشيخ الألباني راية الدعوة إلى التوحيد والسنة في سوريا حيث زار الكثير من مشايخ دمشق وجرت بينه وبينهم مناقشات حول مسائل التوحيد والاتباع والتعصب المذهبي والبدع ، فلقي الشيخ لذلك المعارضة الشديدة من كثير من متعصبي المذاهب ومشايخ الصوفية والخرافيين والمبتدعة ، فكانوا يثيرون عليه العامة والغوغاء ويشيعون عنه بأنه ( وهابي ضال ) ويحذرون الناس منه ، هذا في الوقت الذي وافقه على دعوته أفاضل العلماء المعروفين بالعلم والدين في دمشق ، والذين حضّوه على الاستمرار قُدمًا في دعوته ومنهم : العلامة بهجت البيطار ، الشيخ عبد الفتاح الإمام رئيس جمعية الشبان المسلمين في سوريا ، الشيخ توفيق البزرة ، وغيرهم من أهل الفضل والصلاح -رحمهم الله- .