تقدير المعلم :
قال المعلم صلى الله عليه وسلم :
” إن الله لم يبعثني معنِّتًا ولا متعنتًا ، ولكن بعثني معلِّمًا ميسرًا “. (أخرجه مسلم)
ولله در شوقي القائل :
قم للمعلم وفِّه التبجيلا … كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف أو أجلَّ من الذي … يبني وينشئ أنفسًا وعقولا
سبحانك اللهم خير معلم … علَّمتَ بالقلم القرون الأولى
– السلطان قابوس ومعلمه :
السلطان قابوس بن سعيد ( سلطان عُمان السابق ) ، كان له بروتوكول خاص به ، وهو أنه لا يذهب إلى المطار قط لاستقبال شخصيات من أي بلد !
لم يكسر هذا التقليد إلا عندما استقبل رئيس الهند ( شانكار ديال شارما ) في نهاية الثمانينات ، وتعجب رجال حكومته ورجال الإعلام عندما شاهدوه يصعد سلم الطائرة ، ويعانق الرئيس قبل أن يقوم من مقعده ، ونزل معه ، متشابكي الأيدي ، وما إن وصلا إلى السيارة ، حتى أشار السلطان إلى السائق أن يبتعد ، وفتح الباب الأمامي بنفسه للرئيس حتى جلس ، وحل هو مكان السائق وأخذ يقود السيارة حتى وصل به إلى القصر السلطاني !!
وفي وقت لاحق سأله الصحافيون عن سبب ذلك ، أجاب قائلًا :
{ لم أذهب إلى المطار لاستقبال السيد شارما لأنه كان رئيسًا للهند ، ولكنني ذهبت لأنني درست في ( بونا بالهند ) وكان السيد شارما هو أستاذي الذي تعلمت منه كيف أعيش وكيف أتصرف وكيف أواجه المصاعب ، وحاولت أن أطبق ما تعلمته منه عندما قُدِّر لي أن أحكم }.
إنه تقدير المعلم يا سادة .
– والرئيس الروسي بوتين ومعلمته :
عندما شاهد بوتين معلمته العجوز بين حشد من الواقفين ، فما كان منه إلا أن خرق البروتوكول وسط دهشة مرافقيه وحراسه ، وذهب إلى معلمته وسلَّم عليها بحرارة وهي تبكي ، وأخذها وهي تمشي بجانبه وسط إعجاب الحضور وكأنها ملكة .
ونحن نختلف مع هذا الــ ( بوتين ) في جُل سياساته ، وخصوصًا ما يتعلق بسياساته التعسفية مع المسلمين والمعارضين ، والتوسعية في بلاد أخرى .
– الراجحي ورَدّ الجَمِيل لمعلمه :
قال الراجحي الكبير ( الجد ) في مذكراته : { كنت فقيرًا لدرجة أنني عجزت عن الاشتراك في رحلة مدرسية ، وكانت قيمة المشاركة فيها ريالًا سعوديًا واحدًا .. وعلى الرغم من بُكائي الشديد لأسرتي ، لم تعطني الريال ؛ لأنها لا تملكه !!
وقبل يوم واحد من الرحلة أجبت إجابة صحيحة في الفصل ؛ فكافأني المعلم الفلسطيني بريال مع تصفيق الطلبة لي ؛ فذهبت مسرعًا واشتركت في الرحلة ، وتحول بكائي الشديد إلى سعادة غامرة استمرت عدة شهور .
ومرت الأيام والسنون ، وغادرت المدرسة إلى الحياة .. وبعد سنوات من العمل الجاد ؛ وفقني الله عز وجل ، وعرفت العمل الخيري ، وهنا بدأت أتذكر ذلكم المعلم الرائع الذي كافأني بالريال ؛ وعدت إلى المدرسة ، وإلى جهات التعليم بحثًا عن هذا المعلم ( صاحب الفضل ) حتى عرفت طريقه ، فخططت للقائه والتعرف على أحواله ، ثم التقيته ، فوجدته في حالة صعبة بلا عمل ويستعد للرحيل .
قلت له : يا أستاذي الفاضل ، لك في ذمتي دَيْنٌ كبير جدًا منذ سنوات ، قال وبشدة : ما لي ديون على أحد ؛ وهنا سألته : هل تذكر طالبًا أعطيته ريالًا مكافأة على إجابته ؟ تذكر المعلم بعد عناء ، وقال ضاحكًا : نعم .. نعم ، وهل تبحث عني لترد لي ريالًا ؟ قال الراجحي : نعم .
وبعد نقاش ، أركبته معي ، وذهبنا ، ثم وقفنا أمام فيلا جميلة ، ونزلنا ودخلنا سويًّا ، وقلت له :
{ أستاذي الفاضل ، هذا هو سداد ديني ، مع تلك السيارة ، وراتب تطلبه مدى الحياة ، وتوظيف ابنك في شركتنا } .. ذُهل المعلم وقال : هذا كثيرٌ جدًا .
رد الراجحي قائلًا : صَدِّقني إن فرحتي بريالك وقتها أكبر بكثير من حصولي الآن على عشر فيلات كهذه ، وما زلت لا أنسى تلك الفرحة }.
من يفعل الخير لا يُعدم جوازيه … لا يذهب العرف بين اللهِ والناسِ
تحية إلى كافة المعلمين والمعلمات في بقاع الأرض .