الصحة تاج على رؤوس الأصحاء ، لا يعرفها إلا المرضى .
يقول الدكتور عمرو حسن الحسني أستاذ المخ والأعصاب بجامعة القاهرة :
الشغل في مجال المخ والأعصاب يؤدب الواحد منا فعلًا ؛ يؤدبه مع ربنا ، ومع الناس .
أمراض المخ والأعصاب تعلمك تشكر ربنا في كل لحظة ، وتعلمك ألا تفرح بنفسك التي لا تملك منها شيئًا .
- سأذكر لكم بعض الأمثلة – عافانا الله جميعًا منها ، وشفى من أُصيب بها شفاءً لا يغادر سقما – :
1- جلطات ونزيف المخ مثلًا : كوارث قد تحيلك في لحظة من ذلك الفَرِح الفخور المختال إلي قعيد تبحث عمن يقودك إلي حيث تقضي حاجتك ، هذا إن كنت مازلت تملك القدرة علي التحكم في قضائها أصلًا .
2- جلطات المخ قد تفقدك القدرة أن تنطق كلمة واحدة ، ولا أحد يفهم ما تريده ، ولا تستطيع قراءة كتابك المفضل .
قد تفقد القدرة علي بلع لقمة واحدة بعدما كنت تلتهم موائد كاملة .
3- مرض ألزهايمر يعيدك طفلًا لا يملك من أمره شيئًا .. يحتاج من يطعمه ويُغَيِّر له ملابسه .
ومن نعمره ننكسه في الخلق .
4- هناك أمراض كضمور العضلات والتصلب الضموري ؛ حيث تري أمامك من تحب وهو يفقد شيئًا فشيئًا قدرته وقوته حتي يصبح مجرد القيام من المقعد أمرًا عسيرًا .
5- الاختبار الأكثر صعوبة ومشقة هو من ابتلاه الله بطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة الحركية ؛ تتمني ذرية يشيلوك ، فتجد نفسك بتشيلهم .
واللي عندهم صعوبات ذهنية وعقلية ، قد يكون أمرهم أصعب وأشق .
6- مرض الشلل الرعاش : يجعل المريض متخشبًا ؛ لنقص في بعض قطرات من مادة الدوبامين في المخ .. يتمني فقط لو استطاع أن يتقلب في السرير وهو نائم .
7- تخيل أنك تكون مهددًا طوال الوقت بأن تفقد وعيك ويحصل لك تشنجات ؛ خائف أن تسوق ، خائف تنزل لوحدك ، خائف تسافر ؛ والسبب عندك بؤرة كهربية زائدة في المخ .
8- مرض الوهن العضلي : أمر عجيب والله ؛ تعطل بسيط في توصيل الإشارات العصبية يجعل المريض يتعب بسرعة جدًّا من أقل مجهود لدرجة لا يستطيع معها إكمال مهمة الأكل والبلع وحتي الكلام ، وفتح العين ؛ فيصبح أسير اللا مجهود .
9- تخيلوا أن يكون أبسط ما نراه في عياداتنا هو الصداع ؛ ذلك الألم الذي قد يفسد علينا أيامنا وحياتنا ومناسباتنا .
بعض مرضى الصداع المزمن يقولون لي : نحن نسينا يعني إيه دماغ مش مصدعة !!
10- البوست ده مش للاكتئاب ولا التخويف ؛ بل هو لشكر النعمة للصحيح المُعافَى ، وهو للصبر وعدم الجزع لمن ابتلاهم الله واختبرهم .
متعكم الله بالصحة والعافية .
- ويقول الطبيب الإنسان في موضع آخر :
اهتمامي الأول والأساسي هو مساعدة المرضى خلال رحلة علاجهم .
الحفاظ على المستوى اللازم من التواصل مع مرضاي هو هدفي للتأكد أنهم على الطريق الصحيح .
رسالتى ليست فقط تقديم المساعدة أثناء علاج مرضاي ، بإذن الله ، ولكن أيضًا مساعدتهم على الشعور بالأمان والراحة أثناء تعاملهم مع طبيبهم .
– بطاقة تعارف :
الدكتور عمرو حسن السيد محمد الحسني أستاذ واستشاري طب المخ والأعصاب كلية الطب القصر العيني جامعة القاهرة .
زميل المجلس الأوروبي لطب المخ والأعصاب .
حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة جامعة القاهرة عام 2001 .
حاصل على ماجستير الأمراض النفسية والعصبية عام 2005 .
حاصل على دكتوراه أمراض المخ والأعصاب عام 2010 .
مدرس أمراض المخ و الأعصاب بكلية الطب القصر العيني جامعة القاهرة عام 2010 .
أستاذ مساعد أمراض المخ والأعصاب بكلية الطب القصر العيني جامعة القاهرة عام 2015 .
حاصل على لقب أستاذ المخ والأعصاب بكلية الطب القصر العيني جامعة القاهرة عام 2020 .
زميل المجلس الأوروبي لطب الأعصاب .
عضو الجمعية الأوروبية لطب الأعصاب لدى الأطفال .
عضو مجلس إدارة المجلس القومي لطب الأعصاب المصري .
عضو شعبة التصلب المتعدد والصداع بالجمعية المصرية للأمراض العصبية .
عضو الجمعية المصرية لطب الأعصاب والطب النفسي .
عضو المجلس العلمي للزمالة المصرية للأمراض العصبية .
رئيس لجنة التدريب بالزمالة المصرية للأمراض العصبية .
– وقفات للتأمل :
قال المعلم صلى الله عليه وسلم :
” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ “.
( رواه مسلم ).
فلا تكن – أيها الصحيح المعافى ، ومن لديك وقت فراغ – عرضة لهذا الغبن الذي حذرنا منه حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ، واغتنم هاتين النعمتين فيما يعود عليك بالنفع الدنيوي والأخروي .
يتمنى بعض المرضى أن يسجدوا لله سجدة ، لا يستطيعون .
لا يشعر بعض الناس بقيمة النعمة إلا بعد فقدانها .
يظن بعض الناس أن الرزق إنما يكون في كثرة الأموال فقط ، ولكن الرزق يكون في الولد ، والصحة ، وحب الناس ، والتوفيق ، وغير ذلك من نعم الله التي لا تُحصَى ، سبحانه وبحمده .
عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فمسسته ، فقلت : يا رسول الله ؛ إنك توعك وعكًا شديدًا ، فقال : ” أجل ، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم ” ، قلت : ذلك بأن لك أجرين ؟
قال : ” أجل ، ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها “. (رواه البخاري ومسلم)
وفي الحديث الشريف : ” أشد الناس بلاءً ، الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل ، يُبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلبًا اشتد به بلاؤه ، وإن كان في دينه رقة اُبتلي على قدر دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة “. (أخرجه الإمام أحمد وغيره ، وصححه الألباني)