أحكام النون الساكنة والتنوين :
النون الساكنة : هي التي لا حركة لها ، كنون ” من ” ، ” عن ” ، وتكون في الاسم والفعل والحرف ، وتكون وسطًا وطرفًا .
والتنوين : هو نون ساكنة زائدة تلحق آخر الأسماء تثبت لفظًا ووصلًا ، وتفارقه خطًا ووقفًا .
وأحكامها أربعة ( أحكام النون الساكنة والتنوين ) : [ إظهار ] [ إدغام ] [ إقلاب ] [ إخفاء ].
أحكام النون الساكنة والتنوين :
– أولًا : الإظهار الحلقي :
وهو لغةً : البيان أو الإيضاح .
واصطلاحًا : هو إخراج النون الساكنة أو التنوين من مخرجها الطبيعي مظهرة من غير غنة ، إذا جاء بعدها حرف من حروف الإظهار الحلقي الستة .
وحروفه هي :
الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء .
وتكون هذه الحروف مع النون في كلمة وفي كلمتين ، ومع التنوين ( ولا يكون إلا من كلمتين ).
فمثلا النون مع هذه الأحرف من كلمة ومن كلمتين :
ينأون ، مَن آمن ، منهم ، مِن هاد ، أنعمتَ ، مَن عمل ، ينحِتون ، مَن حاد فسيُنغضون ، مِن غل ، المنخنقة -ولا ثاني لها في القرآن- ، ومِن خزي .
ومثال التنوين :
كلٌ آمن ، جرفٍ هار ، خلقٍ عظيم ، عليمٌ حكيم ، قولًا غير ، يومئذ خاشعة .
والعلة في إظهار النون والتنوين عند هذه الأحرف بُعْد المخرج أي بُعْد مخرج النون والتنوين عن مخرج حروف الحلق ، فالنون والتنوين من طرف اللسان والحروف الستة من الحلق .
ومراتب الإظهار ثلاثة :
أعلى عند الهمزة والهاء .
وأوسط عند العين الحاء .
وأدنى عند الغين والخاء .
وإليك شاهد الإظهار من تحفة الأطفال :
قال الجمزوري :
للنونِ إن تَسْكُنْ وللتنوينِِ
أربع أحكامٍ فخذ تبييني
فالأولُ الإظهارِ قبل أحرفِ
للحلق ستٌ رتبت فلتعرِفِ
همزٌ فهاءٌ ثم عينٌ حاءُ
مهملتانِِ ثم غينٌ خاءُ
– ثانيًا : الإدغام :
وهو لغةً : الإدخال .
واصطلاحًا : التقاء حرف ساكن بمتحرك بحيث يصيران حرفًا واحدًا مشددًا يرتفع اللسان عنهما ارتفاعة واحدة ، وقيل هو النطق بالحرفين كالثاني مشددًا .
وحروفه ستة ، مجموعة في لفظ : ” يرملون “.
وهي : الياء ، والراء ، والميم ، واللام ، والواو ، والنون .
وهو قسمان :
- الأول : إدغام بغنة :
وله أربعة حروف مجموعة في لفظ : ” ينمو “.
وهي : الياء ، والنون ، والميم ، والواو .
فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد النون الساكنة بشرط أن يكون من كلمتين أو بعد التنوين -ولا يكون إلا من كلمتين- وجب الإدغام ، ويسمى : ” إدغامًا بغنة “.
فمثلا النون في هذه الأحرف الأربعة :
مَن يقول ، مِن نعمة ، مِن مال الله ، مِن ولي .
ومثال التنوين فيها كذلك :
وبرقٌ يجعلون ، يومئذ ناعمة ، عذاب مقيم ، يومئذ واهية .
ويسمون الإدغام بغنة إدغامًا ناقصًا لذهاب الحرف ، وهو النون أو التنوين ، وبقاء الصفة وهي الغنة .
أما إذا وقعت هذه الأحرف بعد النون في كلمة واحدة وجب الإظهار مطلقًا لعدم تقيده بحلق أو شفة ، وقد وقع هذا النوع في أربع كلمات في القرآن الكريم ولا خامس لها ، وهي :
الدنيا ، وبنيان ، وقنوان ، وصنوان .
ولم يدغم هذا النوع لئلا يلتبس بالمضَاعَف .
- والثاني : إدغام بغير غنة :
وله حرفان : اللام ، والراء .
فمثال اللام بعد النون قوله تعالى : ” من لدنه ” ، وأمثالها بعد التنوين : ” يومئذ لخبير “.
ومثال الراء : ” من ربهم ” ، ” وثمرة رزقًا “.
ويسمى هذا القسم من الإدغام إدغامًا كاملًا ؛ لذهاب الحرف والصفة معًا ، ووجه الإدغام في الحروف الستة .
ثلاثة أسباب وهي : التماثل والتجانس والتقارب .
التماثل في النون ، والتجانس مع الواو والياء ، والتقارب في اللام والراء .
وإليك شاهد الإدغام من التحفة :
والثانِ إدغام بستة أتت
في”يرملون”عندهم قد ثبتتْ
لكنها قسمان قسمٌ يُدغما
فيه بغنة ” بينمو ” عُلِما
إلا إذا كانا بكلمةٍ فلا
تُدْغِمْ كدنيا ثم صنوان تلا
والثانِ إدغام بغير غنة
في اللام والراء ثم كررنَّه
ندعوكم لقراءة : أحكام الاستعاذة والبسملة
– ثالثًا : الإقلاب :
وهو لغةً : تحويل الشيء عن وجهه .
واصطلاحًا : جعل حرف مكان حرف ؛ أي قلب النون الساكنة والتنوين ميمًا قبل الباء مع مراعاة الغنة والإخفاء .
وله حرف واحد : هو الباء .
فيكون مع النون في كلمة مثل : ” أنبئْهم ” ، وفي كلمتين مثل : ” أن بُورك “.
ومع التنوين ولا يكون إلا من كلمتين مثل : ” سميعٌ بصير ” ، ” عليمٌ بذات الصدور “.
وجه الإنقلاب هنا عُسْرُ الإتيان بالغنة في النون والتنوين مع الإظهار ثم إطباق الشفتين لأجل الباء ، وعُسْرُ الإدغام كذلك لاختلاف المخرج وقلة التناسب ؛ فتعين الإخفاء ، وتُوُصِّل إليه بالقلب ميمًا لأنها تشاركُ الباءَ في المخرج والتنوين في الغنة .
وشاهده في التحفة قوله :
والثالثُ الإقلابُ عند الباءِ
ميمًا بغنة مع الإخفاءِ
– رابعًا : الإخفاء الحقيقي :
وهو لغةً : الستر ، تقول أخفيت الشيء أي سترته .
واصطلاحًا : النطق بالحروف بصفة بين الإظهار والإدغام عارٍٍ عن التشديد مع بقاء الغنة في الحرف الأول .
وله خمسة عشر حرفًا وهي الباقية بعد ستة الإظهار وستة الإدغام وواحدِ الإقلاب .
وقد رمز إليها صاحب التحفة في أوائل كلْم هذا البيت :
صِف ذا ثنا كم جاد شخصٌ قد سما
دُم طيبًا زِد في تقى ضع ظالمًا
وهي الصاد والذال والثاء والكاف والجيم والشين والقاف والسين والدال والزاي والفاء والضاد والظاء .
وإليك الأمثلة : للنون : مع هذه الأحرف من كلمة ومن كلمتين ، وللتنوين من كلمتين :
منصورًا ، أن صدوكم ، ريحًا صرصرًا ، منذر ، من ذكر ، سراعًا ذلك ، منثورًا ، من ثمرة ، جميعًا ثم ، ينكثون ، من كل ، عادًا كفروا ، أنجيناكم ، إن جاءكم ، خَلْقًا جديدًا ، المنشئون ، لمن شاء ، أندادًا ، من دابة ، قنوانٌ دانية ، ينطقون ، من طيبات ، صعيدًا طيبًا ، فأنزلنا ، فإن زللتم ، يومئذ زرقًا ، انفروا ، وإن فاتكم ، عُمْيٌ فهم ، منتهون ، من تحتها ، جناتٍ تجري ، منضود ، مَن ضل ، مكانًا ضيقًا ، انظروا ، مِن ظهير ، ظلًّا ظليلًا .
ووجه إخفاء النون والتنوين عند هذه الأحرف هو أنهما لم يقربا من هذه الأحرف مثل قربهما من حروف الإدغام فيدغما ، ولم يبعدا عنها مثل بعدهما من حروف الإظهار فيظهروا ، فأعطيا حكمًا متوسطًا بين الإظهار والإدغام وهو الإخفاء .
ومراتب الإخفاء ثلاثة :
أعلى عند الطاء والدال والتاء .
وأدنى عند القاف والكاف .
وأوسط عند الباقي .
والفرق بين الإخفاء والإدغام هو أن الإدغام فيه تشديد والإخفاء لا تشديد فيه ، والإخفاء يكون عند الحروف ، والإدغام يكون في الحرف ، والله أعلم .
وإليك شاهد الإخفاء من التحفة ، قال :
والرابع الإخفاء عند الفاضلِ
من الحروف واجب للفاضلِ
في خمسة من بعد عشر رمزها
في كلْم هذا البيت قد ضمنتها
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما
دم طيبًا زد في تقى ضع ظالمًا