كان رجلًا :
قال الله الملك الحق :
” مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا “. (الأحزاب : 23)
( الله حي … عباس جي ) ..
مقولة رددها المصريون كثيرًا ؛ بسبب هذا الرجل الوطني الكبير .
هو رجل ، بكل ما تحمله الكلمة من معان ، رجل شديد البريق واللمعان ، رجل يحكي حكايته الزمان ، حكاية تسعد القلب والوجدان .
- هذه رسالة وصلتني ، بارك الله فيمن أرسلها ، تقول الرسالة :
{ حكم مصر لمدة اثنين وعشرين عامًا .
رجل خاف منه الإنجليز ودول الغرب !!
رجل صنع التاريخ في تحديث مصر .
إذا كنت تتذكر أن القاهرة كانت من أفضل مدن العالم ، فتذكر هذا الرجل .
رجل فتح أنظار العالم علي آثار مصر وقيمتها المبهرة .
رجل أسس التعليم العالي في مصر بمواصفات عالمية حديثة .
إذا مررتم يومًا ببوابة جامعة القاهرة ، فتذكروا أن هذا الرجل هو من وضع حجر أساسها و قام بافتتاحها .
إذا كان قد سبق لك استقلال القطار من محطة رمسيس بالقاهرة ، فتذكر أيضًا أن هذا الرجل هو من وضع حجر أساس هذة المحطة وهو من افتتحها .
وإذا كنت قد زرت المتحف المصري أو متحف الفن الإسلامي أو عبرت أيًّا من كباري القاهرة ؛ مثل كوبري إمبابة أو كوبري أبو العلا ، أو كوبري الملك الصالح ، أو كوبري عباس ، أو كوبري الجلاء ، فتذكر أيضًا أن هذا الرجل هو من وضع حجر الأساس .
إذا كنت قد زرت قناطر أسيوط أو قناطر إسنا أو خزان أسوان ، و عشرات من مشاريع الري الأخري ، فتذكر أن هذا الرجل هو من شيدها .
إذا كان قد سبق لك استقلال خطوط الترام في القاهرة ، فتذكر أن هذا الرجل افتتح شبكة خطوط ترام القاهرة سنة 1896م حينما كانت أفريقيا غارقة في الظلام .
إذا كنت قد استمتعت بزيارة أي أثر إسلامي ؛ مثل جامع السلطان حسن أو مسجد عمرو بن العاص أو ابن طولون ، فعليك بالدعاء لهذا الرجل ؛ لأنه كان أول من قرر وضع خطة شاملة لترميم آثار مصر الإسلامية بداية من عام 1895م ، وكانت هذه الآثار معرضة للضياع والاندثار .
إذا كنت ترى في حكام أسرة محمد علي مثالًا للخنوع والخضوع للمحتل ، فعليك بمراجعة نفسك وإعادة قراءة التاريخ ؛ لأن هذا الرجل قد تم عزله عن عرش مصر ونفيه إلى الخارج ؛ لأنه عارض سياسات بريطانيا في مصر .
هذا الرجل اختلف تمامًا مع السياسات السابقة لوالده الخديوي توفيق في حكم مصر ، لدرجة أنه أصدر عفوًا عن عرابي ، وسمح له بالعودة إلى مصر ، ومنحه راتبًا شهريًّا حتي لقي وجه ربه .
هذا الرجل هتف المصريون من أجله بعد عزله عن عرش مصر ، وصار هتافهم دارجًا علي الألسنة حتي اليوم : ” الله حي .. عباس جي “.
إنه الخديوي عباس حلمي الثاني يا سادة .
كان -رحمه الله- صاحب سيرة طيبة ، وفي شخصيته إشعاع خاص يحيطه بالاحترام والمصداقية .
وللأسف الشديد فإن كثيرًا من المصريين لا يعرفون الخديوي عباس حلمي ، وتم طمس تاريخه من قِبَل الإنجليز ؛ لذا وجب التنويه ، وتعريف الناس به والدعاء له بالرحمة }.
( انتهت الرسالة ).
والرجال موجودون في كل زمان ، وفي كل مكان ، وهم كُثُر ، ونحتاج أن نبحث وندقق ؛ لنظهر للناس ، رجالًا من الألماس ، قاموا ببطولات حقيقية ، وقدموا تضحيات غالية ، وقاموا بمهام عالية ، وخدموا إسلامهم وأوطانهم خدمات جليلة .
والمنصفون في الشرق والغرب كثيرون ، يكتبون بكل أمانة ومصداقية ، وما علينا إلا أن نعلمها للأجيال في المدارس والجامعات ، ومن خلال الشاشات .
فهل نحن فاعلون ؟!!
ندعوكم لقراءة : من المؤمنين رجال
- وفي تفسير الآية الكريمة التي صدرنا بها المقال ، يقول أهل التفسير والتأويل :
من المؤمنين رجال أوفوا بعهودهم مع الله تعالى ، وصبروا على البأساء والضراء وحين البأس : فمنهم من وَفَّى بنذره ، فاستُشهد في سبيل الله ، أو مات على الصدق والوفاء ، ومنهم مَن ينتظر إحدى الحسنيين : النصر أو الشهادة ، وما غيَّروا عهد الله ، ولا نقضوه ولا بدَّلوه ، كما غيَّر المنافقون .
( وهذا موجود في كل زمان ومكان ).
- جزاؤهم :
وعد الله هؤلاء الصادقين الأبرار الأخيار بالجزاء الأوفى ، فقال عز من قائل :
” لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا “.
- وفي التفسير الميسر :
ليثيب الله أهل الصدق بسبب صدقهم وبلائهم وهم المؤمنون ، ويعذب المنافقين إن شاء تعذيبهم ، بأن لا يوفقهم للتوبة النصوح قبل الموت ، فيموتوا على الكفر ، فيستوجبوا النار ، أو يتوب عليهم بأن يوفقهم للتوبة والإنابة ، إن الله كان غفورًا لذنوب المسرفين على أنفسهم إذا تابوا ، رحيمًا بهم ؛ حيث وفقهم للتوبة النصوح .