قالوا عن القناعة

قالوا عن القناعة :

القناعة لغةً : مصدر قنع يقنع قناعة ، إذا رضي .

وفي الاصطلاح : الرضا بالقَسم .

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” من أصبح منكم آمنًا في سِرْبِه معافًى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حِيْزَت له الدنيا “.
( رواه الترمذي وابن ماجة وحسنه الألباني ).

– وقال أيضًا :
” أيها الناس اتقوا الله وأَجمِلوا في الطلب ، فإن نفسًا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها ، فاتقوا الله وأَجْمِلوا في الطلب ، خذوا ما حل ، ودعوا ما حَرُم “.
( رواه ابن ماجه وصححه الألباني ).
وقوله : ( أجملوا ) أي : أحسنوا في الطلب .

– قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : القناعة مال لا نفاد له .

– وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لابنه : يا بني : إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة ، فإنها مال لا ينفد ؛ وإياك والطمع فإنه فقر حاضر ؛ وعليك باليأس ، فإنك لم تيأس من شيء قطُّ إلا أغناك الله عنه .

– وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : الفقه الأكبر القناعة ، وكفُّ اللسان .

– وقال الراغب : الفقر أربعة : فقر الحسنات في الآخرة ، وفقر القناعة في الدنيا ، وفقر المقتني ، وفقرها جميعًا ، والغني بحسبه ، فمن حصل له في الدنيا فقد القناعة والمقتني فهو الفقير المطلق على سبيل الذم ، ولا يقال له غني بوجه .

– وقال أكثم بن صيفي لابنه : يا بني ، من لم ييأس على ما فاته ودع بدنه ، ومن قنع بما هو فيه قرَّت عينه .

– وقال أبو منصور الثعالبي القائل :

هي القناعةُ فالزَمْها تعِشْ ملكًا … لو لم يكنْ منكَ إلّا راحةُ البدنِ

وانظُرْ إلى مالكِ الدنيا بأجْمعِها … هل راحَ منها بغيرِ القُطْنِ والكفنِ

– وكان محمد بن واسع يبل الخبز اليابس بالماء ويأكل ويقول : من قنع بهذا لم يحتج إلى أحد .

– وسُئل أبو الحسن البوشنجي عن القناعة ، فقال : المعرفة بالقسمة .

– وعن أبي سليمان أنه قال : سمعت أختي تقول : الفقراء كلهم أموات إلا من أحياه الله تعالى بعزِّ القناعة ، والرضا بفقره .

– وقال أبو محرز الطفاوي : شكوت إلى جارية لنا ضيق المكسب عليَّ وأنا شاب ، فقالت لي : يا بني استعن بعزِّ القناعة عن ذلِّ المطالب ، فكثيرًا والله ما رأيت القليل عاد سليمًا .
قال أبو محرز : ما زلت بعد أعرف بركة كلامها في قنوعي .

– وعن الحسن ، قال : لا تزال كريمًا على الناس -أو لا يزال الناس يكرمونك- ما لم تعاط ما في أيديهم ، فإذا فعلت ذلك استخفُّوا بك ، وكرهوا حديثك وأبغضوك .

– وقال مالك بن دينارٍ : أزهد الناس من لا تتجاوز رغبته من الدنيا بلغته .

– وقال بكر بن عبدالله المزني : يكفيك من الدنيا ما قنعت به ، ولو كفَّ تمرٍ ، وشربة ماءٍ ، وظلَّ خباءٍ ، وكلما انفتح عليك من الدنيا شيءٌ ازدادت نفسك به تعبًا .

– وقال نعيم بن حماد : سمعت ابن المبارك يقول : مروءة القناعة أفضل من مروءة الإعطاء .

– وقال أبو حاتم : مِن أكثر مواهب الله لعباده وأعظمها خطرًا القناعة ، وليس شيء أروح للبدن من الرضا بالقضاء ، والثقة بالقسم ، ولو لم يكن في القناعة خصلة تُحمد إلا الراحة ، وعدم الدخول في مواضع السوء لطلب الفضل ، لكان الواجب على العاقل ألا يفارق القناعة على حالة من الأحوال .

– وقال أيضًا : القناعة تكون بالقلب ؛ فمن غني قلبه غنيت يداه ، ومن افتقر قلبه لم ينفعه غناه ، ومن قنع لم يتسخط وعاش آمنًا مطمئنًا ، ومن لم يقنع لم يكن له في الفوائت نهاية لرغبته ، والجَدُّ والحرمان كأنهما يصطرعان بين العباد .

– وقال أبو سليمان الداراني : إن قومًا طلبوا الغنى فحسبوا أنَّه في جمع المال ، ألا وإنما الغنى في القناعة ، وطلبوا الراحة في الكثرة ؛ وإنما الراحة في القلة ، وطلبوا الكرامة من الخلق ، ألا وهي في التقوى ، وطلبوا النعمة في اللباس الرقيق واللين وفي طعامٍ طيبٍ ، والنعمة في الإسلام الستر والعافية .

– وقال السيوطي : القناعة : الرضا بما دون الكفاية والاستغناء بالموجود .

– وقال المناوي : هي السكون عند عدم المألوفات .
وقيل : الوقوف عند الكفاية .

– وصية أبي العتاهية :

رغــيــفُ خــبـزٍ يــابـسٍ … تــأكــلـه فــــي زاويــــة

وكــــــوزُ مــــــاءٍ بـــــاردٍ … تـشـربـه مـــن صـافـية

وغـــــرفــــةٌ ضـــيـــقـــةٌ … نـفـسـك فـيـها خـالـية

أو مــســجـدٌ بــمــعـزلٍ … عـن الـورى في ناحية

تــقــرأ فــيــه مـصـحـفًا … مــســتـنـدًا بــســاريـة

مـعـتـبرًا بــمـن مـضـى … مـــن الـقـرونِ الـخـالية

خــيـرٌ مـــن الـسـاعاتِ … فـــي الـقـصور الـعـالية

تــعــقــبـهـا عـــقـــوبــةٌ … تـصـلـى بــنـارٍ حـامـيـة

فــــهــــذه وصـــيـــتــي … مـــخـــبــرة بــحــالــيــه

طـوبى لـمن يـسمعها … تــلـك لـعـمـري كـافـية

فاسمع لنصحِ مشفقٍ … يــُدعـى أبــا الـعـتاهية

– قال خالد بن صفوان رحمه الله : بت ليلتي كلها أتمنى ؛ فملأت البحر الأخضر بالذهب الأحمر ، فإذا الذي يكفيني من ذلك : رغيفان وكوزان وطمران .
( الطمر : الثوب البالي ).

– قال حكيم : هناك طريقان للثروة : أن تحصل على ما تريد ، أو أن تقنع بما عندك .

ندعوكم لقراءة : قالوا عن النصيحة

– رأس الغِنَى :

لله در الشافعي القائل :

رأيت القناعة رأس الغِنَى … فصرت بأذيالها مُمْتَسِك

فلا ذا يراني على بابه … ولا ذا يراني به مُنْهَمِك

فصرتُ غنيًّا بلا درهمٍ … أَمُرُّ على الناسٌ شبه المَلِك

قَنَعتُ بِالقوتِ مِن زَماني … وَصُنتُ نَفسي عَنِ الهَوانِ

خَوفًا مِنَ الناسِ أَن يَقولوا … فَضلُ فُلانٍ عَلى فُلانِ

مَن كُنتُ عَن مالِهِ غَنِيًّا … فَلا أُبالي إِذا جَفاني

وَمَن رَآني بِعَينِ نَقصٍ … رَأَيتُهُ بِالَّتي رَآني

وَمَن رَآني بِعَينِ تَمٍّ … رَأَيتُهُ كامِلَ المَعاني

– بيت النبوة والقناعة :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” اللهم ارزق آل محمد قوتًا ”.
( متفق عليه ).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت :
” كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم وحشوه ليف “.
( رواه البخاري ).

وعن قتادة رضي الله عنه قال :
” كنا نأتي أنس بن مالك وخبازه قائم ، وقال : كلوا ، فما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم رأى رغيفًا مرقَّقًا حتى لحق بالله ، ولا رأى شاة سميطًا بعينه قط “.
( رواه البخاري ).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت :
” لقد تُوفي النبي صلى الله عليه وسلم وما في رفي من شيء يأكله ذو كبد ، إلا شطر شعير في رف لي ، فأكلت منه حتى طال علي ، فكلته ففني “.
( متفق عليه ).

– صَلُّوا على الحبيب :

‏يا زارعًا حبَّ النبي بقلبهِ … أسقيتَ زرعكَ بالصلاةِ عليهِ

هذا محمدٌ ما تشوَّق في الورى … أحدٌ كشوقِ المسلمين إليهِ

Exit mobile version