حكاية سارة

حكاية سارة :

الدكتور زغلول النجار عالم وداعية إسلامي ، له العديد من الأبحاث في مجال الجيولوجيا ، واشتهر بأبحاثه في إعجاز القران الكريم .

يحكي الدكتور زغلول النجار لنا هذه الحكاية ، فيقول :

في مطعم بإحدى الولايات الامريكية ناولت نادلة المطعم ( الجرسونة ) قائمة طعام الغداء إلى رجل وزوجته ، وقبل أن يطلعا على القائمة سألاها أن تعرض عليهما أرخص طبقين كونهما لا يمتلكان مالًا كافيًا إثر عدم حصولهما على راتبهما منذ عدة أشهر ؛ بسبب تحديات مالية تواجهها الجهة التي يعملان لديها .

لم تفكر النادلة سارة طويلًا ، اقترحت عليهما طبقين فوافقا بلا تردد ما داما هما الأرخص .. جاءت بالطلبين وتناولاهما بنَهَم ، وقبل أن يغادرا طلبا من النادلة الفاتورة ، فعادت إليهما ومعها ورقة داخل المحفظة الخاصة بالفواتير ، كتبت فيها ما معناه : ” دفعت فاتورتكما من حسابي الشخصي مراعاة لظروفكما ، وهذا مبلغ مائة دولار هدية مني ، وهذا أقل شيء أقوم به تجاهكما ، شكرًا للطفكما .. التوقيع : سارة “.

كان الزوجان في غاية السعادة وهما يغادران المطعم !!

اللافت في الموقف السابق أن سارة شعرت بسعادة غامرة لدفعها مبلغ فاتورة طعام الزوجين على الرغم من ظروفها المادية الصعبة ، فهي تدخر منذ عام تقريبًا قيمة غسالة أتوماتيك تود أن تشتريها ، وأي مبلغ تهدره سيؤجل موعد اقتنائها لهذا الجهاز الحلم ، فهي تغسل الثياب بغسالة قديمة .

لكن أكثر ما أحزنها هو توبيخ صديقتها لها عندما علمت بالموضوع ، فقد نددت بتصرفها ؛ لأنها حرمت نفسها وطفلها من مال هي أحوج إليه من غيرها لشراء الغسالة .

وقبل أن يتغلغل الندم إلى داخلها إثر احتجاج رفيقة عمرها على مبادرتها تلقت اتصالًا من أمها تقول لها بصوت عالٍ : ماذا فعلت يا سارةِ ؟

ردت بصوت خفيض ومرتعش خوفًا من صدمة لا تحتملها : لم أفعل شيئًا ، ماذا حدث ؟

أجابت أمها : يشتعل ” الفيسبوك ” إشادة بكِ ومدحًا لتصرفك .

سيد وزوجته وضعا رسالتك لهما على الفيسبوك بعد أن دفعتِ الحساب عنهما في حسابهما ، وتناقلها الكثيرون ، أنا فخورة بكِ .

لم تكد تنتهي من محادثتها مع أمها حتى اتصلت عليها صديقة دراسة تشير إلى تداول رسالتها بشكل فيروسي في جميع المنصات الاجتماعية الرقمية .

وفور أن فتحت سارة حسابها في ” فيسبوك ” ، وجدت مئات الرسائل من منتجين تلفازيين ومراسلين صحافيين يطلبون مقابلتها للحديث عن مبادرتها المميزة .

وفي اليوم التالي ، ظهرت سارة على الهواء في أحد أشهر البرامج التلفزيونية الأمريكية وأكثرها مشاهدة .

منحتها مقدمة البرنامج غسالة فخمة جدًّا وجهازًا تلفازيًّا حديثًا ، وعشرة آلاف دولار .

وحصلت من شركة إلكترونيات قسيمة شراء بخمسة آلاف دولار ، وانهالت عليها الهدايا حتى وصلت إلى أكثر من 100 ألف دولار تقديرًا لسلوكها الإنساني العظيم .

تكلفة وجبتي طعام لم تكلفها أكثر من 27 دولارًا + 100 دولار ، غَيَّرت حياتها .

ليس الكرم أن تعطي ما لا تحتاج ، وإنما أن تعطي ما أنت في أشد الحاجة إليه .

الفقر ليس فقر المال ؛ الفقر فقر الإنسانية والمواقف .

قال تعالى : ” مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَٰلَهُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنۢبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنۢبُلَةٍۢ مِّاْئَةُ حَبَّةٍۢ ۗ وَٱللَّهُ يُضَٰعِفُ لِمَن يَشَآءُ ۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ “. (البقرة : 261)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” قال الله : أَنْفِق يا ابن آدم أُنْفِق عليك “. (رواه البخاري ومسلم)

ندعوكم لقراءة : تجارة رابحة

Exit mobile version