
الملك يدبر لنا :
- لله در القائل :
إياك أن تظن أن الثبات على الاستقامة أحد إنجازاتك الشخصية ؛ فقد قال اللهُ تبارك وتعالى لنبيه خير البشر :
” وَلَوْﻵَ أَنْ ثَبَتْنَآكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيْلا “. (الإسراء : 74)
- وهذا الإمام الطبري يقول :
يقول تعالى ذكره : ولولا أن ثبَّتناك يا محمد بعصمتنا إياك عما دعاك إليه هؤلاء المشركون من الفتنة ( لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا ) يقول : لقد كدت تميل إليهم وتطمئنّ شيئًا قليلًا وذلك ما كان صلى الله عليه وسلم همّ به من أن يفعل بعض الذي كانوا سألوه فعله ، فقال رسول الله ﷺ فيما ذكر حين نزلت هذه الآية : ” لا تكلني إلى نَفْسي طَرْفَةَ عَيْن “.
- وقال الإمام القشيري :
ولولا فضل الله عليك لكان منك ميل إلى موافقتهم ، ولكن تم فضل الله عليك فلم تفعل .
- ما أجمل قول هذا الشاعر :
إذَا بُلِيتَ فَثِقْ بِاَللَّهِ وَارْضَ بِهِ … إنَّ الَّذِي يَكْشِفُ الْبَلْوَى هُوَ اللَّهُ
إذَا قَضَى اللَّهُ فَاسْتَسْلِمْ لِقُدْرَتِهِ … مَا لِامْرِئٍ حِيلَةٌ فِيمَا قَضَى اللَّهُ
الْيأسُ يَقْطَعُ أَحْيَانًا بِصَاحِبِهِ … لَا تَيْأَسَنَّ فَإِنَّ الصَّانِعَ اللَّهُ
- وفي السماء رزقكم :
يقول الله تبارك وتعالى : ” وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ “. (الذاريات : 22)
قال بعض أهل العلم : معنى قوله : وفي السماء رزقكم ؛ أن أرزاقكم مقدرة مكتوبة ، والله – جل وعلا – يدبر أمر الأرض من السماء .
فاطمئن : لن يفلت من بين يديك ما ساقه الله لأجلك ، ولن يفوتك رزقك وإن تأخر .
فالزم الاستقامة ، وثق بربك ومولاك .
- ولله در الشاعر القائل :
عجبت للدنيا ورغبة أهلها … والرزق فيما بينها مقسومُ
والأحمق المقسوم أعجب ما أرى … من أهلها والعاقلُ المحرومُ
ثم انقضى عجبي لعلمي أنه … رزقٌ موافٍ وقته معلوم
- قَال ابنُ الجَوزي رحِمهُ الله :
تَدبيرُ الحقِّ عَز وجل لَك خيرٌ مِن تَدبيرِك ، وقَد يَمنعك ما تَهوى ابتلاءً ، ليبلوَ صَبرك ، فأرِهِ الصَّبر الجَميل ، ترَ عَن قربٍ ما يسُر .
ومتى نظّفت طُرق الإجابَة عَن أدرانِ الذُّنوب ، وصَبرت على مَا يَقضَيه لك ، فكُل مَا يَجري أصلَح لك ، عَطاءً كان أو منعًا .
حين اختارك اللهُ لطريق هدايته ليس لأنك مميز أو لطاعةٍ منك !!
بل هي رحمةٌ منهُ شملتك قد ينزعها منك في أي لحظة لذلك لا تغتر بعملك ولا بعبادتك !
ولا تنظر باستصغار لمن ضل عن سبيله !
فلولا رحمةُ الله بك لكنت مكانه .
- رجل أجاره الله :
عن الزهري قال : أَمَرَ الْحَجَّاجُ ، سَالِمَ بْنَ عَبْدِاللهِ بن عُمَر أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا ، فَقَالُ لَهُ سَالِمٌ : أَصَلَّيْتَ الصُّبْحَ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : انْطَلِقْ ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : مَا مَنَعَكَ مِنْ قَتْلِهِ؟! قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهو فِي جِوَارِ اللهِ يَوْمَهُ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَ رَجُلًا قَدْ أَجَارَهُ اللهُ ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : نَعَمْ .
( رواه الطبراني وصححه الألباني ).
ندعوكم لقراءة : حسن تدبير الملك
- قال حكيم :
مهما تعسّرت بك الحياة ، فلن يدوم عسرها ؛ لأن الأصل الذي كتبه الله للمؤمن هو التيسير .
فقط ثق بالله .
- ما أجمل قول القائل :
ما اعتصم أحدٌ بغيرِ الله إلا اضطرب ، وما نادى منادٍ غيرَ الله إلا استوحش ، وإنّ المرء ليُرزق السّكينة ، بكثرةِ اللجوء إلى الله وإلإقبالِ عليه .
ولولا اللجوء إلى الله ثم أكناف الدُّعاء لكنّا كقشّةٍ تتخبّط في رياح الأيام وتقلّباتها ، ولكنّنا نلوذُ إلى باب الله فنجد الأمان والطمأنينة والسلوى التي تعلو على كلّ هم ؛ فالحمد لله كثيرًا .
- يقول الملك ﷻ :
” ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَتَطۡمَئنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئنُّ ٱلۡقُلُوبُ “. (الرعد : 28)
- قال حكيم :
إيمانك بأن القادم مهما كان فهو من عند الله يمنحك طمأنينة كافية لتكمل ما تبقى من حياتك موقنًا بأن الحكمة الإلهية وإن عجزْت عن فهمها هي أفضل خياراتك ؛ ذلك اليقين مفتاحك للسكن والسكينة ودليلك لسلامك الداخلي وأمانك النفسي فلا تفرط به لأنك تستحق .
- استبشر خيرا :
أرسل إليّ أحد الأصدقاء رسالة يقول فيها :
اطمئنّ فإن لك ربًّا يدبر الأمر ، أفضل مما تدبره لنفسك ، لن يردّ الله قلبًا أتاه يستظل برحمته من متاعب الحياة ، سيهبك الله قوة من بعد ضعف ، وفرحة من بعد حزن حتى ترضى ، ويهوِّن عليك كل شيء ضاق به صدرك ، فتهون عليك الدنيا بما فيها ؛ فاستبشر خيرًا!
- دروس عظيمة :
لله در القائل :
إنّ لنا في الكون من حولنا دروسًا عظيمة ، يقرأها المُتأمّل بعين البصيرة لتكون نبراسًا لهُ فيما يُواجهه في حياته ، فإنّ السُحُب إذا تراكمَت أمطرَت ، وإنّ السماء إذا أعتم ظلامها بزغ فجرها وأشرقَت ، وإنّ المخاض إذا اشتَدّ حانت ساعة الولادة ، كذلك الأيام إذا ضاقت انفرجَت .
ثق في الله جل في علاه .
- عِش عزيزًا :
قال قائلهم الحكيم :
لم يكن عبثًا أن يُكتب رزقك وأنت في بطن أمك ، وأن يُحدد عمرك قبل أن تُولد .
يريدك الله عز وجل أن تعيش عزيزًا لا تنحني لأحدٍ سواه .
واعلم أن ما كُتب لك سيصلك ولو اجتمع العالم كله ليمنعه عنك ،
وعمرك لن ينقص منه لحظة ولو اجتمعت جيوش العالم كله تريد قتلك .
عِش عزيز النفس ، متوكلًا وواثقًا في مولاك ؛ فهو وحده الذي يتولاك .