السعادة يا سادة :
سبحان الذي لا تسكن النفوس إلا بحبه ، ولا تطمئن القلوب إﻻ بذكره ، ولا يُدرك نجاح إلا بتوفيقه ، وﻻ يقع أمر إﻻ بإذنه ، ولا تُنال سعادة إﻻ بطاعته .
لا سعيد إلا من أسعده الله ؛ فالله هو الذي أضحك وأبكى ، وهو الذي أسعد وأشقى ، وهو الذي أغنى وأقنى ،
فالسعادة ليست بالزواج ، ولا بالأولاد ، ولا بالأصدقاء ، ولا بالسفر ، ولا بالشهادات ، ولا بالماركات ، ولا بالمناصب ، وﻻ بالرفاهية ، ولا بالبيوت .
السعادة كل السعادة في اتصالك بالله جل في علاه .
دَرِّب نفسك على كثرة طَرْق باب الله حتى يبقى الحبل ممدودًا بينك وبين الملك عز وجل .
- السعادة في القرآن :
ذُكرت السَعادة في موضعين من القرآن الكريم :
في قوله عز وجل : ” يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ “. (هود : 105)
والآية الأخرى : ” وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ “. (هود : 108)
وتحقيق السعادة في الآخرة متوقف على تحقيق العبودية لله في الدنيا ، لكن نلاحظ أن الآيات تتحدث عن السعادة في الجنة والآخرة لكن ماذا عن الدنيا ؟
وقد اختلف قديمًا وحديثًا في مفهوم السَعادة بشكل دقيق ، لكنها كما أوردها الله في كتابه تدور بين الرضا واللذة والشعور بالمتعة والراحة .
فيمكن أن نقول هي حالة نفسية تجمع بين راحة النفس ولذة الجسد ، وتختلف وسائل تحقيقها من شخص لآخر .
- مفهوم السعادة في اللغة :
تقول الدكتورة سندس عادل العبيد في رسالتها للدكتوراه :
مصدر كلمة السعادة ( سَعَدَ ) ، والسِّينُ وَالْعَيْنُ وَالدَّالُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى خَيْرٍ وَسُرُورٍ ، خِلَافَ النَّحْسِ ؛ فَالسَّعْدُ الْيُمْنُ فِي الْأَمْرِ ، وَالسَّعْدَانُ نَبَاتٌ مِنْ أَفْضَلِ الْمَرْعَى ، يَقُولُونَ فِي أَمْثَالِهِمْ : «مَرْعَى وَلَا كَالسَّعْدَانِ» ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ ، ثُمَّ قَالُوا لِسَاعِدِ الإنسان سَاعِدٌ ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَوَّى بِهِ عَلَى أُمُورِهِ ؛ وَلِهَذَا يُقَالُ سَاعَدَهُ عَلَى أَمْرِهِ ، إِذَا عَاوَنَهُ ، كَأَنَّهُ ضَمَّ سَاعِدَهُ إلى سَاعِدِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْمُسَاعَدَةُ الْمُعَاوَنَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، وعلى هذا ؛ فإنّ أصل استخدام كلمة ( سعد ) في اللغة يدور على معنيين : الأول : الدلالة على الخير والسرور ، والثاني : الدلالة على المعاونة .
- قال الحطيئة الشاعر :
وَلَستُ أَرى السَعادَةَ جَمعَ مالٍ … وَلَكِنَّ التَقيَّ هُوَ السَعيدُ
وَتَقوى اللَهِ خَيرُ الزادِ ذُخرًا … وَعِندَ اللَهِ لِلأَتقى مَزيدُ
وَما لا بُدَّ أَن يَأَتي قَريبٌ … وَلَكِنَّ الَّذي يَمضي بَعيدُ
إن أردت العيش بسَعادة ؛ فلا تحلل كل شيء ؛ فالذين حللوا الألماس وجدوه فحمًا !!
السعادة في السجود على السجادة .
إذا أردت أن تعيش بسَعادة ، عليك أن تبادر بثلاث :
عدم الحزن على ما فات .
عدم القلق على ما هو آت .
الرضا بما قسم رب الأرض والسماوات .. عندها يذهب عنك كربك ، وتسكن السعادة قلبك ، وينور الله دربك .
- لله در الشاعر القائل :
ها قد أتاكم صباح الخير فابتسِموا … واستفتحوا يومكم بالحمدِ والشكرِ
ومجِّدوا من علا بالعِزِّ ممتنعًا … وسبِّحوا بكرةً كالطيرِ في الفجرِ
واسعَوا وجِدُّوا إلى الخيرات واتَّكلوا … وادعوه ما شئتم في السِّرِ والجَهرِ
هذا الصباح لنا إيذانُ بهجتنا … كالغَيْمِ يغمرنا في الجدبِ بالبِشرِ
قال الدكتور مصطفى محمود رحمه الله : السعادة ليست في الجمال ولا في الغنى ولا في الحب ولا في القوة ولا في الصحة .. السَعادة في استخدامنا العاقل لكل هذه الأشياء .
يقول الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله :
يظن الناس أن الشعور بالسعادة هو نتيجة النجاح ولكن العكس هو الصحيح ، النجاح هو نتيجة الشعور بالسعادة .
وقالت هيلين كيلر :
كثير من الناس لديهم فكرة خاطئة عن السَعادة .
لن تتحقق من خلال تلبية الرغبات ، ولكن بالتضحية من أجل هدف نبيل .
هناك مَثَل ياباني يقول : السعادة صحة جيدة وذاكرة سيئة .
ندعوكم لقراءة : قالوا عن القناعة
- السعادة في الجنة :
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه [ مفتاح دار السَعادة ] : { ورُبَّ ذنب قد هاج لصاحبه من الخوف والإشفاق والوجل والإنابة والمحبة والإيثار والفرار إلى الله ، ما لا يهيجه له كثير من الطاعات ، وكم من ذنب كان سببًا لاستقامة العبد ، وفراره إلى الله ، وبُعدِه عن طُرق الغيّ }.
قال هيرمان كاين : النّجاح ليس المفتاح إلى السَعادة ، لكن السعادة هي المفتاح إلى النجاح .
وهذا أينشتاين يقول : لو أردت أن تكون سعيدًا ، قم بربطها بهدف وليس بشخص أو بشيء .
ويقول بوذا : يمكن إضاءة ألف شمعة باستخدام شمعة واحدة من دون أن يقصر ذلك من عمرها ، مشاركة السعادة مع الناس لا تقلل منه .
ويقول دل كارنيجي : ليست المسألة ما تملك أو ما أنت عليه أو ماذا تفعل كي تكون سعيدًا ، إنما بماذا تفكر .
ويقول جورج ساند :
هناك سَعادة واحدة فقط في العالم ، أن تحب وتكون محبوبًا .
ويقول مكسيم خوركي : السعادة تبدو صغيرة عندما تكون بين يديك ، وعندما تخسرها تدرك كم هي كبيرة وقيمة .
قال حكيم : لقد وجدت أن نصيب الإنسان من السعادة يتوقف غالبًا على رغبته الصادقة في أن يكون سعيدًا .
قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله : حقيقة السعادة ، أن يوجه المسلم حبَّه وقلبه ونفسه ومشاعره للخالق ، فيسكن الخالقُ في قلبه نفحةً من نفحات السَعادة ، وقطرةً من بحرها الكبير .
وقال : { لو علم الملوكُ وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم ، لجالدونا بالسيوف }.
وهذا عباس محمود العقاد يدلو بدلوه ، فيقول :
أعطني بيتًا سعيدًا ، وخذ وطنًا سعيدًا .
سنيكا وراحة الضمير : لا سَعادة تعادل راحة الضمير .
- السر في البسمة :
قال راندل : ازرع البسمة في وجهك ، تحصد السعادة في قلوب الناس .
العطاء وسومرست موم : ننشأ وفي اعتقادنا أن السعادة في الأخذ ، ثم نكتشف أنها في العطاء .
وهذا رأي لمكسيم جوركي : السَعادة عند الرجل أن ينجح في عمله ، والسَعادة عند المرأة أن تنجح مع الرجل الذي تزوجته .
- شرح صدر النبي :
تحققت لنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم السَعادة المرجوة ، بفضل من الله العظيم ؛ قال الملك عز وجل لنبيه ومصطفاه : ” أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ “. (الشرح : 1-3)
فشرح له صدره وملأه طمأنينة وسكينة ؛ فكان -صلى الله عليه وسلم- من أكثر الخلق انشراحًا في الصدر وأوسعهم فؤادًا وأكملهم حياة .